فعلى هذا يلزم الفحص في مجهول الحال حتّى يظهر فسقه ، أو عدالته (١).
هذا ، مع أنّ التعليل في الآية يدلّ على ما ذكر (٢) ؛ لأنّ الوقوع في الندم بظهور كذب المخبر إنّما يحصل من قبول خبر من لا يبالي بالكذب (٣) ، ويكون له هذه الصفة في الواقع ، ولا مدخليّة لسبق العلم في ذلك.
لا يقال : ما ذكرت من عدم الواسطة إنّما هو فيمن بعد عهده عن ابتداء زمان التكليف ، وأمّا قريب العهد به فيمكن أن لا يكون في الواقع فاسقا ؛ لعدم صدور معصية عنه ، ولا عادلا ؛ لعدم حصول الملكة له بعد ، فلا يجب التثبّت عند خبره ، فلا تدلّ الآية بالإطلاق على اشتراط العدالة.
لأنّا نمنع وجود مثله في الواقع ، ومع التسليم لا يمكن العلم به ؛ لأنّه موقوف على العلم بانتفاء جميع المعاصي ، ومنها الصفات الباطنة (٤) ، والعلم بانتفائها لا يمكن إلاّ من علامات الملكة ، والفرض أنّها لم توجد ، على أنّ التعليل المذكور (٥) يدلّ على عدم قبول خبر مثله ، كما لا يخفى.
وقبول شهادة الأعرابي ـ لمّا أسلم وشهد بالهلال (٦) من دون فصل مع عدم الملكة له ـ لم يثبت عندنا ، وإن صحّ ، كان خاصّا بموضعه ؛ لدليل من خارج.
واحتجّ الخصم أيضا : بقبول شهادة المجهول في تذكية الحيوان ، وطهارة المحلّ والماء وإباحة المال ، ورقّ جاريته وأمثالها (٧).
وجوابه : أنّ هذا لموافقتها (٨) للأصل. فلو قطع النظر عنها (٩) لكان الحكم فيها أيضا التذكية ، والطهارة ، والإباحة بالشروط التي اعتبرها الفقهاء. ولذا لا يسمع شهادته في نجاسة الماء ،
__________________
(١) لم يرد في « ب » : « أو عدالته ».
(٢) وهو إمّا اعتبار العدالة أو التحرّز عن الكذب.
(٣) في « ب » : « الكذب ».
(٤) في كون الصفات الباطنة متعلّقة للحكم الإلزامي تأمّل.
(٥) وهو احتمال الوقوع في الندم.
(٦ و ٧) راجع منتهى الوصول : ٧٨.
(٨ و ٩) الضميران راجعان إلى الشهادة. والمراد بالأصل بالنسبة إلى غير الطهارة هو حمل فعل المسلم وقوله على الصحّة وفيها استصحاب الطهارة أو قاعدتها.