النوع الخامس : المتنافيان عكسا فقط ، أي نفيا ، كاللارجل واللاامرأة ؛ فإنّهما لا يرتفعان وقد يجتمعان ، كما في الشجر مثلا. ويجري فيه الصنف الرابع بالشقّ الأوّل ـ أي تلازم العدميّ والوجوديّ ـ طردا وعكسا ، فيصدق : كلّما لم يكن بلا رجل فهو لا امرأة ، وكلّما لم يكن بلا امرأة فهو لا رجل. ولا يجري فيه الصنف الثالث ، فلا يصدق : كلّ ما كان بلا رجل لم يكن بلا امرأة ، وكلّ ما كان بلا امرأة لم يكن بلا رجل ، فيلزم من استثناء نقيض كلّ منهما عين الآخر لا غير ، فيلزمه أيضا نتيجتان ، ويثبت التلازم فيه بالطرد ، ويتقوّى بالعكس. وعدم جريان الصنفين الأوّلين فيه أيضا ظاهر.
[ الأمر ] الرابع : لا يخفى في حجّيّة التلازم إذا علم ثبوته شرعا أو عقلا ، وعلم تحقّق الملزوم من نفي أو إثبات أيضا ، فمن ادّعى التلازم في حكمين ، وأثبت تحقّقه وتحقّق الملزوم بالشرع أو العقل ، فلا كلام معه ، وإلاّ فللمانع منعهما.
وفي التلازم شبهة مشهورة ، وهي أنّه إمّا معدوم في الخارج ، أو موجود فيه. والأوّل باطل ؛ لأنّه لا فرق بين التلازم العدميّ وعدم التلازم ؛ لعدم التمايز بين المعدومات. والثاني أيضا باطل ؛ لأنّه مغاير للطرفين ؛ لإمكان تعقّلهما بدونه ، ولكونه نسبة ، والنسبة مغايرة للطرفين ، وحينئذ لا يخلو إمّا أن يلزم ذلك التلازم لأحدهما ، أو كليهما ، أم لا.
فعلى الأوّل ينقل الكلام إلى التلازم الثاني ، ويلزم التسلسل في الملازمات الموجودة في الخارج.
وعلى الثاني يمكن ارتفاعه عن المتلازمين ، فيلزم جواز الانفكاك بينهما ، فيلزم انهدام اللزوم على فرض وجوده ، هذا خلف.
والجواب : اختيار كونه معدوما ، ومنع كون التمايز من خواصّ الموجودات الخارجيّة ؛ لأنّه يوجد في غيرها أيضا ، كما بين عدمي العلّة ومعلولها ، وبين عدمي الشرط والمشروط به.
فإن قيل من رأس : لو لم يكن التلازم موجودا في الخارج ، فإمّا أن يمتنع الانفكاك بين المتلازمين فيه ، أم لا ، فعلى الأوّل يلزم تحقّق وجود التلازم في الخارج على تقدير انتفائه فيه. وعلى الثاني ينهدم التلازم.