[ القسم ] الأوّل : أن يستنتج المستدلّ من الدليل ما يتوهّم أنّه محلّ الخلاف أو ملزومه ولا يكون كذلك ، كما إذا قال في القاتل العامد الملتجئ إلى الحرم : وجد فيه علّة القصاص ، فيجوز قصاصه ، فيردّ القول بالموجب ، ويقال : محلّ الخلاف ليس جواز القصاص ، بل جواز هتك حرمة الحرم ، وهو ليس عينه ، ولا ملزومه.
ومنه : إذا قال الشافعي في القتل بالمثقل : قتل بما يقتل غالبا ، فلا ينافي وجوب القصاص ، كالقتل بالحرق ، فيقول المعترض : أقول بموجب ما ذكرت ، ولكنّه ليس محلّ النزاع ؛ لأنّ محلّ النزاع وجوب القصاص ، وليس عينه ، ولا لازما له.
ولمّا كان مرجع هذا القسم إلى منع كون اللازم من الدليل محلّ الخلاف أو ملزوما له.
فجوابه أن يبيّن المستدلّ أنّ المثبت مدّعاه وإن لم يكن محلّ النزاع في فرض المعترض ، أو (١) محلّ النزاع والمعترض صرفه عنه وحمله على غيره ، فأورد القول بالموجب أو ملزومه.
ومثال الأوّل ظاهر.
و [ مثال ] الثاني ، كما إذا قال : الخيل يسابق عليه فيجب فيه الزكاة ، كالإبل ، فيقول : هذا مسلّم في زكاة التجارة ، ومحلّ النزاع زكاة العين ، فيرجع ويقول : غرضي وجوب زكاة العين.
و [ مثال ] الثالث ، كما إذا قال : لا يجوز قتل المسلم بالذمّي قياسا على الحربي ، فيقول : هذا مسلّم ، ومحلّ النزاع عدم الوجوب ، فيقول : عدم الجواز ـ وهو الحرمة ـ يستلزم عدم الوجوب.
[ القسم ] الثاني : أن يستنتج من الدليل إبطال ما يتوهّم أنّه مأخذ الخصم ومبنى مذهبه ، كما إذا قال في مسألة القتل بالمثقل : التفاوت في الوسيلة لا يمنع القصاص كالمتوسّل إليه ، وهو أنواع الجراحات القاتلة ، فيقول المعترض : [ هذا ](٢) مسلّم ، ولكن لم لا يمنعه غيره من وجود الموانع ، وانتفاء الشرائط ، وعدم قيام المقتضي؟ فإنّ انتفاء مانع لا يستلزم انتفاء جميع الموانع ووجود جميع الشرائط والمقتضي.
__________________
(١) عطف على « مدّعاه ».
(٢) اضيف للضرورة.