كالصَّاحب أبي القاسم ، وحمزة بن الحسن الأصبهاني ، وأبي الفتح المراغي ، وأبي بكر الخوارزمي والقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني ، وأبي الحسين أحمد بن فارس القزويني ، وأَجْتَبي من أنوارهم ، وأَجْتَني من ثمارهم ، وأقتفي آثارَ قومٍ قد أَقْفَرَتْ منهم البِقَاعُ ، وأجمعُ في التأليف بين أبكارِ الأبوابِ والأَوْضَاع ، وعُونِ اللغاتِ والألفاظ ، كما قال أبو تمام (١) :
أما المعاني فَهْيَ أبكارٌ إذَا |
|
افْتُضَّتْ وَلَكِنَّ الْقَوَافِيَ عُونُ (٢) |
ثم اعترضتني أسباب ، وعرضت لي أحوال ، أدت إلى إطالة عنان الغيبة عن تلك الحضرة المسعودة ، والمقام تحت جناح الضرورة من الضَّيْعَةِ المذكورة ، بمدرجة للنوائب تصكني فيها سفاتج الأحزان ، وترسل على شواظاً من نار القُفْصِ (٣) ، الذين طَغَوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد :
ولا ثَبَات على سُمِّ الأَسَاوِدِ لي |
|
وَلَا قَرَارَ على زَأْرٍ مِنَ الأَسَدِ (٤) |
إلَّا أَنَّ ذِكْرَ الأمير [ السيد ](٥) الأوحد ، [ أدام الله تأييده ](٦) كان هِجِّيرَايَ في تلك الأحوال ، والاستظهار بيُمْنِ (٧) الاعتزاء إلى خدمته شعاري في تلك الأهوال ، فلم تبسُط النكبةُ إليَّ يدها إلا وقد قَبَضَتْهَا سعادَتُهُ ، ولم تَمْتَدَّ بي أيام المحنة ، إلا وقد قَصَرَتْهَا عني بركتُهُ.
وكانت كتُبهُ الكريمة الواردة عَلَيَّ ، تكتُبُ لي أَمَاناً مِنْ دَهْرِي وَتهدي
__________________
(١) لأبي تمام في ديوانه ٣١٢ ، وفيه « إذا نُصَّتْ » مكان « إذا افْتُضت » ونُصَّت : أقعدت على المِنَصة ، وهي كرسي مرفع عليها العروس في جلائها لِتُرى من بين النساء.
(٢) بإزائه في ( ح ) : « العُونُ : النَّصَفُ من النِّساءِ ، جمع عَوَانٍ ».
(٣) بإزائه في ( ح ) : « القُفْصُ : موضعٌ عند بغداد ، يُوْجَدُ فيه النبيذ.
(٤) في ( ط ) الشطر الثاني ، وعجز البيت للنابغة ، وصدره : * أنْبِئت أَنِ أَبا قابوس أوعدني *
وهي من قصيدة يمدح فيها النعمان بن المنذر ، ويعتذر إليه ممّا بلغه فيما وشى به بنو قريع في أمر المتجردة.
ديوانه ص ١٥ والشعر والشعراء ٩٤.
(٥) ما بين المعقوفين زيادة عن ( ط ).
(٦) ما بين المعقوفين زيادة عن ( ط ).
(٧) في ( ط ) : ( بتمييز ).