ولد في جزين سنة ٧٣٤ هـ ، ونشأ وترعرع في بيت من بيوت العلم والدين ، فقد كان والده الشيخ جمال الدين عالما جليلا ، وعلى يده تلقى مبادئ العلوم العربية والفقه. وكان يجد من والده الشيخ دافعا قويا على الدراسة والتفكير فيما يعرض من مسائل وما يطرح من أفكار. كما كان يجد في المجالس والندوات العلمية التي كانت تعقد هناك بكثرة مجالاخصبا للمناقشة وابداء الرأي. فأصبح وهو لم يتجاوز بعد المراحل الأولى من دراسته يشار إليه بالفضل والعلم (١).
أسفاره
لقد أراد الشهيد الأول التزود بالمعرفة من مختلف مصادرها ، ولم يقتصر على ما يتلقاه من الثقافة في جزين أو جبل عامل ، فشد الرحال إلى مراكز العلم والفكر الاسلامي الرئيسة في ذلك العهد. وكانت الهجرة الأولى له سنة ٧٥٠ هـ قاصدا الحلة ـ التي كانت مركزا من مراكز الفقه الشيعي في العراق ـ وعمره ست عشرة سنة ، وبقي فيها خمس سنين يتزود بالمعرفة ويتلقى العلم على يد شيوخ كبار من تلامذة العلامة الحلي في الفقه والحديث والأصول وغيرها من مجالات المعرفة. ثم رجع إلى بلاده وهو ابن احدى وعشرين سنة (٢).
ثم تتابعت رحلاته إلى الحلة ، وكربلاء ، وبغداد ، ومكة المكرمة والمدينة المنورة ، وبيت المقدس ، ومدينة الخليل ، ودمشق ، ومصر.
وقد أتيح له عن طريق هذه الرحلات مخالطة الكثير من علماء المذاهب الاسلامية المختلفة ، والتعرف على آرائهم وأفكارهم. كما كان على صلة وثيقة بمشيخة الرواية من علمائهم ، وفي إجازته لابن الخازن
__________________
(١) الآصفي / مقدمة الروضة البهية للشهيد الثاني : ٨٠ ـ ٨٢.
(٢) الأمين / أعيان الشيعة : ج ٤٧ / ٣٧.