وأجاب الغزالي (١) (٢) : بأن النية سر لا يطلع عليه إلا الله تعالى ، وعمل السر أفضل من عمل الظاهر.
وأجيب : بأن وجه تفضيل النية على العمل أنها تدوم إلى آخره ، حقيقة أو حكما ، وأجزاء العمل لا يتصور فيها الدوام ، إنما تتصرم (٣) شيئا فشيئا (٤).
الفائدة الثالثة والعشرون
تعتبر مقارنة النية لأول العمل ، فما سبق منه لا يعتد به ، وإن سبقت سميت عزما) ، وهو غير معتد به أيضا على الإطلاق ، إلا على القول بجواز تقديم نية شهر رمضان عليه (٥).
وقد اغتفرت المقارنة في الصيام فجاز تقدمها وتوسطها ، كما جاز مقارنتها ، وإن كان فعلها في النهار إنما جاز في مواضع الضرورة ، كنسيان النية ، أو عدم العلم بتعلق التكليف بذلك اليوم ، أو عدم حصول
__________________
(١) هو أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الغزالي الملقب بحجة الإسلام الطوسي الفقيه الشافعي. قيل لم يكن للشافعية في آخر عصره مثله. وكتبه معروفة ، منها : البسيط ، والوسيط ، والوجيز ، والخلاصة في الفقه ، وإحياء علوم الدين. توفي سنة ٥٠٥ هـ. (القمي ـ الكنى والألقاب : ٢ ـ ٤٥٦).
(٢) أورد الغزالي هذا الجواب ولكنه لم يرتضه. انظر : إحياء علوم الدين : ٤ ـ ٣٦٦.
(٣) في (م) و (أ) : تتصور.
(٤) انظر : الغزالي ـ إحياء علوم الدين : ٤ ـ ٣٦٦.
(٥) انظر : الشيخ الطوسي ـ الخلاف : ١ ـ ١٤٢ ، والعلامة الحلي ـ منتهى المطلب : ٢ ـ ٥٦٠.