الفائدة الثامنة
تعتبر النية في جميع العبادات إذا أمكن فعلها على وجهين ، إلا النّظر المعرف ، لوجوب معرفة الله تعالى ، فإنه عبادة ولا تعتبر فيه النية ، لعدم تحصيل المعرفة قبله.
وإلا إرادة الطاعة ، أعني : النية ، فإنها عبادة ولا تحتاج إلى نية وإلا لتسلسل.
وما لا يمكن فيه اختلاف الوجه ، كرد الوديعة وقضاء الدين ، لا يحتاج إلى نية مميزة ، وإن احتاج في استحقاق الثواب إلى قصد التقرب إلى الله تعالى (١).
الفائدة التاسعة
للنية غايتان :
إحداهما : التمييز.
والثانية : استحقاق الثواب.
وإن كان الفعل واجبا ، فإنه يستفيد المكلف بالفعل الخلاص من الذم والعقاب ، وبالترك يتعرض لاستحقاقهما. وهذه غاية ثالثة.
ثمَّ ينقسم الواجب إلى قسمين :
أحدهما : ما الغرض الأهم منه بروزه إلى الوجود ، كالجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وقضاء الدين ، وشكر النعمة ، ورد الوديعة. وهذا القسم يكفي مجرد فعله عن الخلاص من تبعة الذم والعقاب ، ولا يستتبع الثواب إلا إذا أريد به (٢) التقرب إلى الله تعالى.
__________________
(١) انظر : القرافي ـ الفروق : ١ ـ ١٢٩ ـ ١٣١.
(٢) في (ك) : نية.