إذا عرفت هذا فنقول : قولنا : قبل ما بعد بعده رمضان هو شعبان ، كما قاله ابن الحاجب ، لأن شعبان بعده رمضان ، وبعد قبل (١) بعده شوال ، فقولنا قبل مجاور لبعده الأخيرة ، لأنه لم يقل : قبل بعده ، بل قبل بعد بعده ، فجعله مضافا في المعنى إلى بعد ، متأخر عن بعد ، وهو البعد الثاني ، فيكون رمضان قبل البعد الثاني [ و ] هو شوال ، فالواقع قبله رمضان. وليس لنا شهر بعده بعد ان رمضان قبل البعد الأخير إلا شعبان.
فان قلت : رمضان حينئذ هو قبل البعد الأخير وهو بعد شوال ، باعتبار البعد الأول كما بينه ، فيلزم أن يكون قبل بعد ، وهو محال ، لأن القبل والبعد ضدان ، والضدان لا يجتمعان في الشيء الواحد (٢).
قلت : مسلم أنهما ضدان ، وأنهما اجتمعا في شيء واحد وهو رمضان ، لكن باعتبار إضافتين ، فيكون رمضان قبل باعتبار شوال ، وبعد باعتبار شعبان ، كما يكون المؤمن صديقا للمؤمن عدوا للكافر ، فتجتمع فيه الصداقة والعداوة باعتبار فريقين.
إذا عرفت هذا فيتعين إنا لو زدنا في لفظ (بعد) لفظة أخرى منه فقلنا : قبل ما بعد بعد بعده [ رمضان ] (٣) ، تعين أن يكون الشهر المسئول عنه رجبا ، وإن جعلنا (بعد) أربعة ، كان جمادى الآخرة ، أو خمسة كان جمادى الأولى ، أو ستة كان (٤) ربيع الثاني ، أو سبعة
__________________
(١) زيادة ليست في الفروق : ١ ـ ٦٦. والظاهر انه لا محل لها.
(٢) في (ح) زيادة : في الوجود. وهي غير موجودة في الفروق : ١ ـ ٦٧.
(٣) زيادة من الفروق : ١ ـ ٦٧.
(٤) في (ح) زيادة : شهر