القتال في مكة وحرق الكعبة : وما انتهت واقعة الحرة في المدينة في أواخر عام ٦٣ حتى صدر أمر يزيد الى قائده مسلم بن عقبة (١) أن يتوجه في جيشه الى مكة لقتال ابن الزبير فسار اليها ولما كان في بعض الطريق أدركته الوفاة فأوصى بقيادة الجيش الى الحصين بن نمير (٢) فتولاه واستأنف سيره حتى انتهى الى مكة فى أواخر المحرم سنة أربع وستين ونزل في ظاهرها.
وخرج اليه ابن الزبير في جموعه من مكة وبعض القبائل من أطرافها وعدد ممن التحق به من أشراف المدينة وبدأت المناوشات والتقى المتبارزون من الفريقين وظل شأنهم كذلك حتى بدا لجند الشام نصب المجانيق فنصبوها في ربيع الأول سنة ٦٤ ورموا الكعبة بالنفط والحجارة حتى احترقت كسوتها وتصدعت حيطانها (٣).
ولست ممن يرى أن الكعبة كانت مقصودة لذاتها بالرمي لأنني أعلم أن جيش الشام كان يستقبلها في صلاته ولا يرمي الكعبة رجل يصلي اليها ولا يرضى أن يقذفها بالحجارة كما في رأي بعض المؤرخين أو بالنار كما في رأي البعض الآخر.
والذي أستطيع أن أستنتجه أن ابن الزبير كان يعوذ بها ويحتمي خلفها فبدا للجيش أن يصيبه من ورائها وقد فعل ، فنالت الاحجار بعض أركانها ويذكر
__________________
(١) ابن رباح المري : من قواد العهد الأموي (الأعلام للزركلي) وقد لقب مسلم هذا الشنيع فعله (مسرف بن عقبة)
(٢) السكوني : من قواد العهد الأموي (المصدر السابق)
(٣) اخبار مكة للأزرقي ١ / ١٣٥