ولقد حمى الله البيت بأبلغ ما تكون به الحماية ودفع عنه بأشد ما يكون الدفاع وأعظمه (٣).
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ* تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) صدق الله العظيم.
الانحلال في مكة : وظل الأمر لعبد المطلب في مكة على أثر هذا ، إلا أن القبائل النازحة الى جوار البيت كانت قد تكاثرت وتفاقم تناسلها فتفرقت بطونا في بادية مكة وشرعت كل بطن تعتز بسيد فيها فتعددت السلطات وتنوعت أحكامها وتقاليدها وتعددت العقائد والديانات وغدا أصحاب الشهوات يتفننون في شهواتهم محتمين بتقاليدهم القبلية لا يهابون حكما ولا يخشون سلطانا.
اهلال النبي : وفي خضم هذه الفوضى وغمرة هذا الانحلال كانت آمنة بنت وهب تتمخض في بيت من بيوت عبد المطلب .. وفي ليلة زاهرة من ليالي قريش أهل هلال النبي صلىاللهعليهوسلم.
ودرج النبي صلىاللهعليهوسلم كأفضل ما يدرج الصبيان أدبا حتى يفع في أطهر ما يفع فيه شاب اختارته العناية الإلهية لا ليقود أمته إلى طريق الخلاص والنور فحسب بل ليضع يده على مقدرات التاريخ فيصوغها من جديد ويترك أثره فيها قويا لا تمحوه جبابرة الأرض وأكاسرتها خالدا لا تعفيه أحداث الحياة أبد الآبدين.
__________________
(٣) ابن هشام ١ / ٥٤ وما بعدها.