السلطان عبد الحميد مكانه في عام ١٢٩٤ وقد ظلت الأحكام تصدر وفق رغبة الدستورين كما ظل عبد الحميد أداة لا عمل لها غير توقيع الأوامر.
وقد اضطربت الأمور على اثر ذلك وشرع الدستوريون يعاقبون كل من يرتابون في اخلاصه لمبادئهم ويقسون على خصومهم من أنصار الملكية ويسومونهم أنواعا من الذل والهوان فكثرت القلاقل والفتن.
الحسين الشهيد بن محمد بن عون : واختار الدستوريون لامارة مكة على أثر انقلابهم شريفا يعتنق مبادئهم هو الحسين بن محمد بن عبد المعين ووافق السلطان على تعيينه فوجهت اليه الامارة وكان يقيم في الاستانة (١) عضوا في مجلس شورى الدولة برتبة وزير وقد ذكر لي بعض المعمرين انه اشترك في الثورة الاتحادية وانه كان يرى رأيهم في هيمنة الدستور وامتداد نفوذه.
وتوجه الحسين الى مكة فوصلها في شعبان عام ١٢٩٤ ثم ما لبث أن غادر أخوه الشريف عون مكة بعد عيد الفطر من السنة المذكورة الى الاستانة (٢) فمنح رتبة الوزارة فيها واحتل مركز اخيه في عضوية مجلس شورى الدولة.
الغاء الدستور : وما لبث عبد الحميد أن تمكن من زمام الامور في مقر الخلافة واستطاع ان يقرب بعض المناصرين للملكية وان يعد عدته لالغاء الدستور.
وقد بدأ اعماله بالقبض على رجل الدستور مدحت باشا وكثير من زملائه فنفاهم كما سيأتي الى الطائف ثم أثارها حربا عدوانية عنيفة ضد أنصار الدستور فأنشأ ادارة خاصة بالجاسوسية شرعت تتعقب أنصار الحرية وتتجسس
__________________
(١) هي مدينة استانبول ، وكانت عاصمة السلطنة العثمانية وكانت عاصمة بيزنطة وكان اسمها القسطنطينية ، ثم سميت اسلامبول مدة وهي اليوم اهم مدينة في تركية (ع)
(٢) تذييل شفاء الغرام للشيخ عبد الستار الصديقي ٣١٣