فلما اجتمع الناس خطب فيهم وأبان لهم غاية الأمين من نكث العهد فوافقوه على خلعه فقال : اشهدوا بأني خلعته فبايعوني للمأمون فبايعوه فلما علم المأمون بذلك سر سرورا كثيرا ولما انتصرت جيوشه على الامين أقره على مكة والمدينة فظل فيها الى أواخر سنة ١٩٩ (١).
ثورة العلويين الثالثة بقيادة الأفطس : لم تكن مكة مصدر هذه الثورة ولكنها ما لبثت ان استقلت بأمرها فقد خرج السري بن منصور الشيباني على المأمون في العراق يدعو الى العلويين وما كاد يغلب العباسيين على بعض بلاد العراق حتى ارسل الى مكة ببعض جيشه في عام ١٩٩ تحت قيادة الحسين بن الحسن (٢) بن علي بن ابي طالب وهو معروف بالأفطس وما كاد الحسين ينتهي الى قريب من مكة ويعسكر في النوارية (٣) حتى أخلاها عاهل مكة للعباسيين داود بن عيسى وقال اني لا أستحل القتال في مكة فدخلها الحسين الأفطس مساء يوم التروية ثم ما لبث أن دفع الى عرفة فوقف بها ليلا وكان بعض الحجاج وقد وقفوا بها نهارا بغير امام أو خطيب ثم ازدلف الأفطس الى مزدلفة فصلى بالناس الصبح ثم مضى الى منى فمكة فأقام بها ثم مضى الى جدة فاحتلها وسطا على أموال الأهلين فيها ولما أهل المحرم سنة ٢٠٠ كسى الكعبة كسرين من قز رقيق احداهما صفراء والأخرى بيضاء بعد أن عمد الى خزانة الكعبة فجردها مما فيها من الأموال (٤) وقسمها في جيشه ، ولعله رأى أن الكعبة لا حاجة لها في أموال مجمدة تفتقر اليها الجيوش المحاربة في سبيل الاسلام في رأيه.
__________________
(١) راجع شفاء الغرام للفاسي ٢ / ١٨٢.
(٢) لعله الحسن المثلث ، لأن الزمن بعيد ، ولا يمكن أن يكون أحفاد علي احياء سنة ١٩٩ ه (ع).
(٣) ذكر الأزرقي انها بوادي بطن سرف وهو واقع بين التنعيم ووادي فاطمة.
(٤) البداية والنهاية ١٠ / ٢٤٠.