ويلزموا صاحب مكة مقدارا من الخراج يدفعه سنويا كما استطاعوا أن يستولوا على رسوم البضائع كاملة وأن ينتدبوا في عهد بركات بن محمد حامية مكونة من خمسين فارسا تقيم في مكة تحت امارة رجل من الشراكسة اسمه «سودون» ثم ما لبثوا ان أضافوا الى أمير الحامية نظارة المسجد وأدخلوا في صلاحياته شؤون العناية بمرافق الحجاج واقامة المنشآت الخاصة براحتهم وتعمير ما يلزم للمسجد ، وقد اورد القطبي في كتابه الاعلام أن ناظر الحرم في عهده حوالي عام ٨٥٢ كان بيرم خوجه ، ثم يقول : وقد عزل بالأمير برديك عام ٨٥٤ ، ويذكر في موضع آخر ما نصه «أن أمير الترك بمكة الأمير جاني (١) سافر في عام ٨٥٦ ولي عوضه ناظر الحرم التاجي كما ولي منصب الجيش» وقد جاء في مرسومه أنه ولي نظارة الحرم والربط والأوقاف والصدقات وأن يكون محتسبا لمكة.
وبذلك اصبحت مكة في حكم التابع للشراكسة وأصبح يدير شؤون البلاد ومرافق البلاد الهامة أمير منتدب منهم كما أصبح الامراء من الاشراف بتلقون أوامر تعيينهم من ملك الشراكسة واذا تغلب بعضهم بقوة سيفه واستطاع طرد الشريف المغصوب فانه لا يلبث أن يطلب تأييده من الشراكسة الذين لا يبخلون بتأييد المتغلب كما اسلفنا.
الناحية العمرانية والاجتماعية : وقد ظل عمران مكة في هذا العهد على ما عرفناه في العهد الايوبي وظل سورها الذي بناه قتادة بن ادريس قائما على حاله ويصفها تقي الدين الفاسي (٢) وقد عاش بها في هذا العهد فيقول انها بلدة مستطيلة كبيرة لها ثلاثة اسوار سور المعلاة وفيه بابان وسور الشبيكة وفيه
__________________
(١) وذكره الطبري في اتحاف فضلاء الزمن «مخطوط»
(٢) شفاء الغرام ١ / ١٠