المفاوضات البريطانية : ما كانت انكلترا غافلة عما يجري في محيط الامبراطورية العثمانية .. لقد كانت على عادتها حريصة على تتبع جميع الاحداث وكان يهمها بعد ان ترتفت علاقة الالمان بالاتحاديين في تركيا ان تتصيد الاسرار وان تستفيد لموقفها ضد هذا التحالف قبل ان تتلبد غيوم الحرب.
فما يمنعها ان تغازل الحسين وتتقرب الى احاسيسه ـ وهو الرجل الطماح ـ بسائر المغريات؟؟ ما يمنع اللورد كتشنر معتمد بريطانيا في مصر ان يغتنم فرصة مرور الامير عبد الله بن الحسين ـ ملك الاردن فيما بعد ـ بمصر في احدى رحلاته الى الاستانة في عام ١٣٣١ ه ليتعرف اليه ويصافحه كصديق ويقدر فيه باسم بريطانيا العظمى عنايته بحجاج الهند
لقد كان لقاء مهد للتعارف ثم تبعه لقاء اخر مهد للصداقة وكشف للامير الشاب مبلغ عطف البريطانيين على أماني العرب!! ولا أشك ان مثل هذه المجالس تنقل بحذافيرها وتعليقات الامير الشاب عليها وما يتسع لتعليقاته من احلام الى صاحب الرأي في مكة على أمل أن تدغدغ عواطفه.
ولكن الحسين يعرف انها بلد الخليفة وان خلافه مع الاتحاديين في الاستانة لا يبرر له الخيانة وان يصافح غير المسلمين وهو الرجل الذي عاش يباهي بتمسكه بأخلاق المحافظين.
وهي الى جانب ذلك مغامرة من الصعب ان يقدر مصيره فيها اذا فشلت ومع هذا فقد تدغدغت عواطفه وهيأ تصلب الاتحاديين الجو للامير عبد الله ليشجعه على المغامرة وبدأت رسل بريطانيا تفتح امامه ابواب الامل على سعتها لتظفر لنفسها بما يقلق راحة خصومها في برلين وتركيا.
في هذه الاثناء كان فيصل قد نقل اليه تفويض الجمعيات السرية في دمشق كما