صبر له على قوة المهاجمين فاستنفر العامة في المسجد بجوار المحكمة عند باب السليمانية واوعز الى الشيخ سعيد المنوفي من علماء مكة ان يخطب فيهم ليدعوهم لنصرته فما كاد الخطيب يفصح عن غرضه حتى هاج العامة ضده وحصبوه بحصى المسجد.
وادرك الشريف سعيد ان لا امل له في الظفر ورأى ان القوة المهاجمة تتكاثر فاستقر رأيه على مغادرة البلاد فغادرها ليلة ٢١ من ربيع الاول ١١١٦ وفي رواية عن الشيخ ابي السعود السنجاري ان الشريف عبد المحسن بعث اليه ليؤثث دار السعادة «وهي في مكان رواق المسجد اليوم بجوار أجياد» استعدادا لاستقباله فيها قال : وكان الشريف سعد «والد سعيد المهزوم» قائما علينا يشرف على عملية التأثيت (١).
عبد المحسن بن احمد الزيدي : ودخل الشريف عبد المحسن في صبيحة الليلة المذكورة في موكب حافل يتقدمه الآلاي المصري! والتركي! ممن كان يحارب في صفوف سعيد!! فاتخذ طريقه الى المسجد وبعد ان طاف بالكعبة قرىء مرسوم
__________________
وتكاثروا واصبحوا اصحاب كيان خاص في الدولة يعتزون به كما كان العثمانيون يباهون بهم ويرهبون بشدة بأسهم دول العالم وتربية الفريق على هذا النحو تقليد تعلمه اورخان من الروم أصحاب القسطنطينية فقد كانوا يعنون بأسراهم من احداث المسلمين ويربونهم على النصرانية في قواعد خاصة وقد ظل فريق الانكشارية عماد العثمانيين فى أهم نواحى دفاعهم زهاء خمسة قرون الا قليلا. حتى رأى السلطان سليم عام ١٤٠٣ ه ان حاجة العصر تدعو الى تحسينات جديدة في الشؤون العسكرية فأسس نظامه الجديد الذي عصاه فيه الانكشارية ورفضوا قبوله احتراما لما ورثوا من تقاليد واستطاعوا أن يثوروا ضده ونجحت ثورتهم فخلعوه في عام ١٢٢٢ وبايعوا مكانه السلطان مصطفى ولم يدم مصطفى أكثر من عام واحد ثم قتل وتولى السلطان محمود الثاني فما لبث أن أيد نظام العسكرية الجديد فاصطدم مع الانكشارية واستطاع في هذه المرة أن يبيدهم ويقضي على تاريخ فرقتهم.
(١) راجع خلاصة الكلام للسيد أحمد زيني دحلان ١٣٤ وما بعدها