وتقدمت الجموع مع عبد المحسن من جدة الى الجموم ـ من وادي فاطمة ثم انتقلت الى الزاهر وكان قد طمر سعيد آبارها فحفروها وأقاموا يرتبون صفوفهم.
ونشط سعيد للدفاع واستنفر اهل الحارث (١) واستخرج مدفعا كان مدفونا في دار السعادة ارسله الى ذي طوى (٢) ودفع بعض العلماء الى مجلس القضاء لينهوا أمر الخطر الى القاضي ويستصدروا امرا شرعيا بوجوب الدفاع فكتب القاضي حجة بذلك كما كتب سعيد لقائد القوات في جدة يطلبه الى مجلس الشرع ليقيم عليه الدعوى لمساعدة قطاع الطرق على من ولاه السلطان وفي كتابه يقول «فاذا لم تمتثل بالحضور لدى القاضي كفرت!!»
وهكذا يدور الكفر ما دارت اغراضنا ونسمي حكام الأمس قطاعا كما نسمي القطاع غدا حكاما شرعيين ونجد في مجالس القضاء مجالا لاقرار ما نفيناه ونفى ما أقر رناه.
وتكاملت قوى سعيد فخرج في مقاتلته من الجند المصري واليمني وأتراك الانكشارية (٣) وبعض القبائل الموالية بعد ان حصن بعض الجبال بالمدافع ثم تقابل الفريقان في ذي طوى وخرج جماعة من شباب الاشراف المهاجمين يصولون بالسيف ويطلبون المبارزة ودام القتال اربعة ايام فبدا للشريف سعيد انه لا
__________________
(١) اهل الحارات كناية عن السوقة في كل حارة من اقسام مكة وكانوا ولا يزالون يسمون كذلك للتفرقة بينهم وبين الطبقة المتعلمة في كل حارة
(٢) هو وادي ذي طوى بين مقبرة الحجون بالمعلاة وريع الكحل وتمتد فروعه الى جرول
(٣) الانكشارية فرقة أسسها ثاني سلاطين آل عثمان «أورخان بن عثمان» بطريقة خاصة فقد كان يأتي بالاحداث من أسرى النصارى فيربيهم على الاسلام تربية ينشئون فيها على خدمة الدولة والعناية بحمايتها عسكريا وكان السلاطين في ذلك العهد يكلون الى هذه الفرقة اهم نواحي الدفاع في المملكة اعتمادا على ما يبثونه فيها من روح وقد تآلفت الفرقة اول ما تآلفت من الف جندي ثم ما لبثوا أن نموا