وظل عطيفة في حكمه على مكة الى عام ٧٢٨ أو نحو ذلك بعد أن فقد أخاه الشريك أبا الغيث وأخاه الخصم حميضة في سبيل الحكم ولم يبق امامه في الميدان الا أخوه «رميثة» الذي أجلته عن مكة جيوش مماليك الاتراك التي كانت تؤيد الطرف الذي فيه عطيفة على الطرف الذي كان فيه رميثة.
حكم رميثة : ولم ينم رميثة عن ثأره بالرغم من التأييد الذي كان يلقاه أخوه عطيفة من المماليك بمصر وبالرغم من انشغال التتار ـ بحروبهم الداخلية ـ عن مظاهرته.
لم ينم عنه فقد اعتمد على نفسه وشرع يؤلب القبائل على أخيه ويراسل أشراف مكة الذين ظلت أغلبيتهم الساحقة على ولائهم له كرها لعطيفة وانتقادا لاحتمائه بمماليك الأتراك الذي أضاع كثيرا من استقلال مكة وأفقدها حيوية الحكم.
وقد نجحت أعمال رميثة ضد اخيه واستطاع أن ينتزع منه الحكم حوالي عام ٧٢٩ أو ٧٣٠.
وعلى أثر انتقال الحكم الى رميثة عاد الركب العراقي بالرغم من فتنه الداخلية يواصل مجيئه الى مكة وكان قد امتنع عنها في السنوات التي يحكمها عطيفة وفي هذا ما يؤيد رأينا في تأييد العراق لحكم رميثة.
وينقل الفاسي عن البرزالي عن العفيف الطبري وهو من علماء مكة في هذا العهد أن الركب العراقي حج في عام ٧٣٠ وفي صحبته فيل وقف معهم في جميع مواقف الحج ثم اصطحبوه الى المدينة ولكنه مات قبل ان يبلغها بأقل من مرحلة ، الى ان يقول وما عرفت مقصد ابي سعيد بن خربندا (١) من ارسال الفيل
__________________
(١) هو ملك التتار في العراق ، وقد ذكروا ان من عادة التتار أن يتفاءلوا بأول حيوان يدخل وقت ولادة المولود فكان الداخل حمارا ويسمونه «خر» فسموه خربندا.