واذا كان مؤرخو مكة مجمعين على اعتبار الموفق من ولاة مكة فالواقع الذي يدل عليه سياق التاريخ انه لم يتولها مباشرة بل عقد له عليها فيما عقد له من بلاد الشرق في الوقت الذي ظل مقيما بالعراق يهيمن على مقدرات الدولة العباسية وينيب عنه في مكة من يتولى امارتها.
ويذكر ابن ظهيرة في الجامع اللطيف اسماء من تولى مكة في هذا العهد عهد المعتمد ولكن قرائن الحوادث تدل على ان هؤلاء الولاة لم يكونوا الا نوابا على امارتها لأن امارتها ظلت معقودة للموفق طيلة عهد المعتمد ونحن نورد اسماءهم فيما يأتي : محمد بن المتوكل وقد تولاها سنة ٢٥٧ وابراهيم بن محمد بن اسماعيل وقد كان في ولايتها نحو سنة ٢٥٩ ويذكر بعض المؤرخين اسماء الولاة في صورة تخالف ما نقلناه مما يتعذر معه التحقيق.
ثورة علوية سادسة «ثورة الزنج» : في هذا العهد قام في جهات من العراق ثائر علوي اسمه علي محمد بن احمد فاستطاع ان يحتل كثيرا من بلاد العباسيين وان يعيث فيها فسادا وقد اتصل بمكة فاحتلها وولى امرها محمدا بن عيسى بن محمد المخزومي وهي ثورة سادسة شهدتها مكة للعلويين وان كان مبعث هذه الثورة خارجا عن نطاق مكة ، ثم ما لبث الموفق ان اجلى عليا بن أحمد عن مكة بقيادة محمد بن أبي الساج وأعادها الى حكم العباسيين وقد قاست مكة في هذه الفتنة ضيقا شديدا فبلغت قيمة الأوقيتين من الخبز درهما (١).
__________________
(١) قيل ان صاحب الزنج دعى لا علاقة له بالعلوية وقد تكون الاشاعة دعاية عباسية فقد قام الرجل ضدهم