في العهد العباسي الأول
تمهيد
سقوط الأمويين : أشرنا في حديثنا عن الأمويين الى مبلغ الجهود التي بذلها الأمويون في سبيل تشييد ملكهم وتثبيت أركانه ويستطرد بنا القول في هذا الفصل الى أن هذا البناء ما كادت دعامته ترتفع حتى دب اليه الوهن وبدأ الضعف يتسرب الى كيانه وأنه ما كاد القرن يوفي على نهاية سنة ١٠٠ حتى كان الهزال قد جاء على جسمه ثم ما لبث أن قضى بانقضاء العام ١٣٢ ه من التاريخ الهجري.
وأحسبنا مسؤولين أمام ارتباط التاريخ الذي ندرسه بالتاريخ الاسلامي العام أن نلخص أهم العوامل التي ساعدت على انقراض الحكم الأموي في تضاعيف هذه المدة القصيرة وقيام الحكم العباسي على أنقاضه لنستطيع أن نمضي في بحوثنا عن مكة على ضوء الأحداث الاسلامية العامة ، ولعله يمكنني أن ألخص ذلك فيما يأتي :
١ ـ بذور الشقاق التي بذرها التنافس على ولاية العهد بين أفراد البيوت الأموية ومحاولة كل منافس الاساءة الى منافسه والتنكيل به وبمعاونيه من السادة والقواد
٢ ـ اثارة الروح العصبية بانحياز بعضهم الى المضرية وآخرين الى اليمنية مما أثار الحفائظ وأوجد الشقاق.
٣ ـ تعصبهم للعنصر العربي السائد واحتقارهم لمن عاداه من الموالي وأهل الأمصار الأخرى مما بعث روح الشعوبية وذكى أوارها وهيأ النفوس لقبول الثورات والانضمام الى حركات المناوأة مع الخوارج مرة ومع الشيعة أخرى ومع غيرهم في مرات غيرها.