ويذكر ابن الاثير (١) ان مدة الدعاء للعباسيين في هذا العهد كانت اربع سنين وخمسة اشهر ، ولعله اراد بذلك مجموع الفترات التي ظفر العباسيون فيها بالدعاء لهم.
وعانت مكة كثيرا من الضيق والغلاء والشدة في هذا العهد ، وذلك نتيجة طبيعية للنزاع الذي جرته الدعوة على منبر هذا البلد الضعيف بين قوتين عظيمتين.
وظل ابو هاشم في اخريات ايامه يدعو للعباسيين على النحو الذي اسلفنا الى ان توفي سنة سبع وثمانين واربعمائة (٢) وكان يمتاز بالقوة والشجاعة فقد حمل في بعض حروبه على شخص بالسيف فقطع درعه وجسده وقوسه حتى وصل السيف الى الارض (٣) ويذكره ابو المحاسن (٤) فيبالغ في ذمه ويقول انه كان متلونا تارة مع العباسيين واخرى مع المصريين «الفاطميين».
قاسم بن محمد : وبوفاته تولى الامارة بعده ابنه قاسم بن محمد وظل أمر مكة في عهده عرضة للفتن التي تعرض لها ابيه قبله من جراء احتكاك العباسيين بالفاطميين في شأن الخطبة.
فقد امر في اول عهده بالخطبة للفاطميين ، ثم قطعها في عام ٤٨٧ وخطب للعباسيين ثم أعيدت للفاطميين ورجعت بعدها للعباسيين في عام ٤٨٩ (٥).
وفي هذه الأثناء هجم على مكة «أصيهيد بن سارتكين» القائد العباسي وأجلى
__________________
(١) ١٠ / ٨٣
(٢) درر الفوائد المنظمة طبعة ١٣٨٤.
(٣) شفاء الغرام ٢ / ١٩٦
(٤) في النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٠
(٥) راجع ابن خلدون ٤ ص ١٠٤ ـ ٤٠٥