قاسما عنها ثم ما لبث قاسم أن أعاد الكرة على مكة فاستولى عليها وأجلى أصيهيد عنها في عام ٤٨٨.
وقطع الحج العراقي في عهد قاسم عدة سنوات متفرقة وهي السنوات التي تغلب فيها النفوذ الفاطمي في مكة او في السنوات التي اشتدت فيها الفتن الدينية في العراق من جراء الاختلافات المذهبية في ذلك القطر (١).
واذا كنا لا نرتاب في ان مكة كانت تستفيد من ميلها الى الفاطميين فوائد مادية جمة فاننا لا نشك كذلك في انها كانت تخسر كثيرا لقاء ذلك بسبب خلافها مع العباسيين وتتعرض في سبيله لكثير من الفتن والحروب وتعاني من غلاء الاسعار وضيق الأرزاق ما لا طاقة لها باحتماله ولو قدر لها أن تعيش قوية بنفسها لاستطاعت ان تمنع الدعاء عن الفريقين وتقف بينهما موقف المحايد ولكن ضعفها وما منيت به من فقر في أراضيها هيأها للتأرجح بين الأقوياء.
وظل قاسم على امره في مكة الى ان توفي في عام ٥١٨ بعد ان حكم مكة نحوا من ٣٥ سنة وكان اديبا شاعرا ، ومن شعره :
قومي اذا خاضوا العجاج حسبتهم |
|
ليلا وخلت وجوههم أقمارا |
لا يبخلون بزادهم عن جارهم |
|
عدل الزمان عليهم او جارا |
واذا الطراد دعاهمو لملمة بذلوا |
|
النفوس وفارقوا الأعمارا |
واذا زناد الحرب اذكت نارها قد |
|
حوا بأطراف الأسنة نارا (٢) |
__________________
(١) راجع شفاء الغرام ٢ / ١٩٧ ـ ٢٢٨
(٢) افادة الانام للشيخ عبد الله غازي «مخطوط»