الخطيب بقراءته على المنبر فشق ذلك على ابي الفتوح وفشى امر ذلك في الموسم فتداعى الحجاج والعرب حوالي مكة من هذيل وغيرهم واجتمعوا بالمسجد يريدون كسر المنبر على صاحبه وكان يوما عظيما انتهى بعصيان ابي الفتوح (١).
والتجأ بأبي الفتوح «الوزير أبو القاسم» الذي فر من جور الحاكم بأمر الله الفاطمي في مصر واغراع ضد الفاطميين وانتزاع الخلافة منهم لنفسه وافتاه باخذ ما في الكعبة من نفائس فاعلن ابو الفتوح نفسه خليفة وشرع يتلقى البيعة من الموالين له في مكة والمدينة ثم اقام الدعوة للامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ونشط للعمل في نطاق اوسع فبايعه بنو سليم وبنو هلال وبنو عوف وبنو عامر ثم ما لبث ان شد رحاله في قوة عظيمة من عسكره يريد الشام فكان كلما مر ببعض بلادها جاءوا ايه مبايعين حتى انتهى الى منازل آل الجراح في الرملة
فبايعوه واقيمت الخطبة في منازلهم باسمه وفي كثير من بلاد الشام (٢)
تنازله عن الخلافة : وتوافدت الاخبار الى مصر مثيرة مقلقة وشعر الحاكم الفاطمي بسوء العاقبة فدس الى امير طيء في الرملة حسان بن مفرج الجراح واستطاع ان يستميله اليه وان ينتزع منه وعدا بالتخلي عن مناصرة ابي الفتوح.
وفطن ابو الفتوح للامر وبدا له ان تخلى آل الجراح عنه يسلمه الى اسوأ العواقب فوقف يعيد النظر فيما احدث ثم ما لبث ان وافته انباء جديدة من مكة بان بعضا من بني عمه «السليمانيين» (٣) اغتنموا فرصة غيابه من مكة فاستولوا
__________________
(١) المصدر نفسه
(٢) المقريزي : خطط ٢ / ١٥٧
(٣) اصحاب الحكم في الطبقة الثانية من الاشراف ولم يثبت حكمهم في مكة الا بعد نحو خمسين سنة من هذا التاريخ كما سيأتي.