البلاد فكان لهذه المفاخرة أثرها في التحيز للعصبية التي نهى عنها الاسلام.
ولقد مر بالاسلام عهد نسى فيه المتعصبون هذا التحيز ولكنه ما لبث أن أثير على أثر الفتن التي نشبت بسبب الخلاف على اختيار الخليفة وما لبث بعض الخلفاء من بني أمية أن استغلوا هذه الاثارة لتأييد مراكزهم فهم رغم نسبهم الى القيسية كان يحلو لبعضهم أن يصاهر اليمنية ليعتد بها اذا ناوأه بعض القيسية خصوصا في الأوقات التي اشتد فيها ميل القيسية الى البيت الهاشمي فلا غرابة إذا تفاقم التعصب واشتد أواره.
ولا غرابة أن نجد في الشام يوم حركة ابن الزبير من يدعو له وينادي بخلافته كما نجد فيها من يدافع بسلاحه ضدها لصالح الأمويين.
لم تكن هناك زبيرية وأموية بقدر ما كانت هناك قيسية تتمنى أن تنجح قبائل الحجاز ويمنية تتمنى فشل القيسيين ولو ضد مصلحة الأمويين أصهارهم.
لقد شعر معاوية أن في الشام احتكاك بين القيسية واليمنية فدارى ذلك في سياسة عديمة النظير وجاء اليزيد بعده فلم تعجزه المداراة ولكنه ما أن قضى حتى عادوا الى الاحتكاك واستطاع مروان بن الحكم أن يستفيد من احتكاكهم وأن يستعين بسيوف اليمنيين وهم كثرة هائلة على القيسيين الذين أرادوها ربحا للحجاز في شخص ابن الزبير (١).
مؤهلات ابن الزبير : على أنه ليس كثيرا على ابن الزبير أن تتفق الأمصار على بيعته فقد كان ابن حواري رسول الله وأمه بنت الصديق وخالته عائشة وكان
__________________
(١) راجع تاريخ دمشق لابن عساكر ٣١٩ فما بعدها وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٩٩ والكامل لابن الأثير ٣ / ٢٥٨.