النواحي العامة
في عهد العباسيين الثاني
الناحية السياسية : مر بنا ان خلفاء العصر العباسي الاول استعانوا بأخوالهم من الفرس في حروبهم ضد الامويين حتى اذا ما توطد ملكهم آثروهم على العرب وقدموهم في مهام الدولة وكبريات وظائفها.
ونحن هنا لا نلبث ان نجد خلفاء العهد العباسي الثاني يستعينون باخوالهم ومواليهم من الترك وينسون الفرس ويمنعون في اهمال العرب فيترك هذا اثره في ضعف مركزهم السياسي بينما ترتفع سهوم مواليهم فيلقب احدهم أمير الامراء او ملك الدولة وسلطانها او ملك الملوك (١) ويدعى باسمهم فوق المنابر كما تنقش النقود باسمائهم.
اما الحال بالنسبة الى مكة احد معاقل العروبة وموطن الاسلام الاول فقد نالها ـ من الناحية السياسية ـ اسوأ مما نال بقية امصار العرب ذلك لان الأمويين كانوا قد شغلوا اهلها عن حقوقهم التي كانوا يرونها في الخلافة بما يسروه لها من اسباب الترف ثم جاء العباسيون الاولون فادرجوهم ضمن قوائم المنسيين في بنود السياسة واعتبروهم امة تستحق الرثاء اكثر مما تستحق الاحترام ونظر الخلفاء اليهم نظرة فيها من العطف والاحسان اكثر مما فيها من التجلة وتقدير القيم.
وجاء العهد الذي ندرسه والذي هيمن الاتراك فيه على مقدرات الخليفة
__________________
(١) ابن خلكان ١ / ٤١٦.