عما يدعو اليه النبي ، ويقول أنه كان يقتني القيان المغنيات في بيته.
نستطيع أن نفهم من هذا أن مكة حفلت في جاهليتها بفن اللهو وأن موجة حادة من الغناء ، اكتسحت مجالسها العامة ومتنزهاتها وبيوت الأعيان من أغنياء بطون قريش. وليس أدل على ذلك من كلمة كان يرويها حسان بن ثابت وفيها يقول أن جبلة بن الايهم كان يستدعي لمجالس أنسه من يغنيه من مكة (١).
الناحية الادارية : ذكرنا أن قصيا كان أول رجل من بني كنانة أصاب ملكا فكانت اليه الحجابة والرفادة والسقاية والندوة والقيادة (٢) وسمى قصي مجمعا لأنه جمع قريشا بمكة ، وسميت قريش في ذلك العام قريشا لأنها تجمعت والتجمع التقرش في بعض كلام العرب ولم يسم قرشي قبل ذلك اليوم.
وكان قصي عمليا أكثر مما كان يظنه قومه ، فانه ما كاد يستلم زمام الحكم في مكة حتى أسس دار الندوة لشورى قريش ولم يكن يدخلها من قريش إلا من بلغ الأربعين وهيأه مركزه أو خدماته لدخولها من بطون قريش البطاح وهم هاشم وأمية ومخزوم وجمح وسهم وتيم وعدي وأسد ونوفل وزهرة (٣) كما كان أورستقراطيا لأنه أباح لأولاد قصي دخولها كما شاءوا بلا فارق في السن.
__________________
(١) الأغاني ١٦ / ١٥.
(٢) قسم قصي هذه المهام على أولاده قبل وفاته. ولم يعين المؤرخون وارثا لادارة الملك أو الحكم ، والمفهوم من ذلك أن البطون والقبائل في مكة كانت تطيع من تدين له بالفضل بعد قصي ، وقد ذكروا أن عثمان ابن الحويرث حاول أن يؤمر نفسه عليهم فلم يفلح ، وفي ذلك يقول الجاحظ «لم تزل مكة أمنا ولقاحا لا تؤدي أتاوة ولا تدين للملوك ، ومن أشهر من دانت له قبائل قريش من بني هاشم : عبد المطلب وأبو طالب والزبير ، ومن بني أمية حرب بن أمية وأبو سفيان بن حرب ومن بني زهرة العلاء الثقفي ومن بني مخزوم الوليد بن المغيرة ومن بني سهم قيس بن عدي ومن بني عدي كعب بن نفيل.
(٣) المسعودي ٣ / ١١٩.