فترة شبه مجهولة لان مؤرخي مكة يذكرون ان ولاة مكة في هذا العهد لم يعرف منهم سوى «عج بن حاج» و «مؤنس الخادم» وابن ملاحظ وابن مخلب دون ان يذكروا ترتيبهم وسنى ولايتهم والمعروف ان عج من موالي الاتراك المقربين في البلاط العباسي وكذلك مؤنس الخادم وقد كان من قواد المكتفي وعرفه التاريخ لثورته المشهورة على الخليفة المقتدر وكانت ولايته عقدا ولم تكن مباشرة لانه من رجال البلاط في بغداد الذين لا يستطيعون البعد الى ولايات قاصية اما ابن ملاحظ فيقول ابن ظهيرة في الجامع اللطيف ان الهمذاني ذكر في ترجمته انه كان سلطانا في مكة «كذا» من غير ان يذكر تاريخيا اما ابن مخلب ويسميه بعضهم ابن محارب ويرجح تقي الدين الفاسي اسمه الاول فمن المؤكد انه كان في ولاية مكة الى سنة ٣١٧ حيث أجلاه القرامطة عنها ويذكره الفاسي في حوادث القرامطة بمكة ويشير الى انه خرج لقتالهم في جماعة من اشراف مكة (١).
القرامطة في مكة : عرف القارىء مما اسلفناه في فصل سابق مقدار الوهن الذي دب الى مركز العباسيين في عصرهم الثاني كما عرف مبلغ الضعف الذي مني به خلفاؤهم وان مواليهم من الاتراك كانوا يحكمون الدنيا باسمائهم ونريد ان نقول بعد هذا ان النتائج السيئة لم تقتصر على ما اسلفنا بل تعدته الى تغذية كثير من الحركات السياسية والدينية فقد كان الطامحون الى مراميهم البعيدة في بلاد العباسيين يجدون من عجز الدولة ما يشجعهم على الثورات والفتن ويهمنا الان من هذه الحركات قصة الثورات الدينية التي اضطلعت بها فرق من الشيعة والتي انتشرت باسبابها في جهات كثيرة من بلاد العباسيين.
فهناك ثورات للزيدية واخرى للامامة الموسوية وغيرها للعلوية والامامة
__________________
(١) راجع شفاء الغرام للفاسي ٢ / ١٩١