اتضح له أن هذه الزيادة قد نالها العامل من طرق مشروعة.
في عهد عثمان : عندما ألممنا بذكر الولاة في عهد أبي بكر وعمر لم نتعرض لحياة الشيخين في المدينة لأننا نقتصر فيما نؤرخ على أخبار مكة ولا نتعرض لأحداث الإسلام إلا ما كانت له علاقة خاصة بما نؤرخه وأحسبنا الآن في أشد الحاجة إلى الاستطراد الى ما كان من أمر عثمان في الحدث الإسلامي الكبير لما ترتب على هذا الحدث من نتائج لها علاقتها الخاصة بمكة.
وأمر عثمان رضياللهعنه أوسع من أن تلخصه عجالة محدودة أو يحدده فصل مقتضب فقد اختلف المؤرخون في القديم والحديث في تعليل أسبابه كما اختلفوا في تحقيق نتائجه وان كانوا قد اتفقوا باجماعهم على أنه أول حدث فجع المسلمين في كلمتهم وانه أول ثغرة دخل منها الوهن الى صفوفهم.
ولست أرى في أمر عثمان ما يدعو الى شدة الغرابة ، فقد كان رحمهالله سمحا كريما لين الجانب يسالم مستشاريه ولا يتعصب لرأي دونهم .. ولقد جاءت خلافته بعد الفاروق عمر وعندما أقول الفاروق أعني الرجل المهيب الجانب القوي الشكيمة الشديد العزم الذي هابته قريش وخاف سطوته المتمردون ورهب جانبه المقربون ، فإذا حلت السماجة وحل لين الجانب مكان هذه المميزات الجبارة فلا بد أن يحدث رد الفعل الذي انتهى اليه أمر عثمان وأنت تعلم أن رد الفعل بدأ يأخذ شكل الاستياء في أوساط محدودة ، ثم ما لبث أن اتسع الفتق وشرع المعارضون يجاهرون بانتقاد خليفتهم وينكرون عليه اصطناع شيعته كما ينكرون على شيعته حفاوتهم بالأمويين وتوليتهم الأعمال (١) وبرهم بأعطياته السخية من بيت مال المسلمين حتى دخل عليه علي بن أبي طالب
__________________
(١) الكامل ٣ / ٤٢ / ٦٩