وانشأ الرشيد على رؤوس الجبال منائر تشرف على فجاج مكة ورتب المؤذنين لها لان بعضهم كان لا يبلغه صوت المسجد فبنى على ابي قبيس أربع منائر ، وعلى رأس الاحمر المقابل منارة وعلى الجبل المشرف على شعب عامر منارة اخرى تشرف على المجزرة ومنارة جبل كدى وغيرها ، وبنى مولاه (بغا) غير ذلك على جبال اخرى في الفلق والمعلاة والشبيكة واجياد وبئر ميمون في اعلا الابطح ومسجد الكبش بمنى.
وكان بعض المؤذنين يسهرون فوق المآذن التي بناها الرشيد في الجبال ليؤذنوا فيها ولعله أذان السحر الذي كان مستعملا ، وقد اهملت هذه المنائر بتقادم الاجيال وخربت ولم يبق منها اثر (١).
وفكر الرشيد في ان يعنى بمواصلات مكة البحرية فينشىء قناة ما بين البحر الاحمر والابيض ، فاشير عليه بترك ذلك مخافة ان تتصل سفن الروم بارض العرب ، وتهدد الحرمين باخطارها فعدل عن ذلك وما عدل عنه الرشيد نفذه الخديوي سعيد في مصر بفتح قناة السويس عام ١٢٨٦ ه.
الاصلاحات في المسجد : وعني العباسيون بعمارة المسجد فأمر أبو جعفر المنصور عامله على مكة زياد بن عبد الله الحارثي بشراء الدور الواقعة شمالي المسجد وغربه ، فاشتراها وادخل ارضها في المسجد ، واحدث رواقا دائرا في صحن المسجد ، واتخذ الاساطين من الرخام له وبذلك تضاعفت مساحة المسجد عما كانت في عهد الامويين وزين المسجد بزخارف من الفسيفساء والذهب وزينه بانواع من النقوش وجعل الرخام في بناء حجر اسماعيل وبنى على فوهة
__________________
(١) شفاء الغرام للفاسي ١ / ٢٤١.