الناحية الدينية : وشاعت في عهد قصي عبادة الأصنام واتخاذها آلهة في طقوس انتقلت اليهم من خزاعة أو جرهم كما أسلفنا في الفصل السابق وقد ذكروا أن عمرو بن لحي في عهد خزاعة أمر بعبادة صنمين كانا منصوبين على الصفا والمروة (١) فلما كان عهد قصّي حولهما من موضعهما فجعل أحدهما بلصق الكعبة والآخر في موضع زمزم فكان أهل الجاهلية من قومه ينحرون عندهما ويتمسحون بهما واشتد شيوع عبادة الأصنام بمرور الأيام حتى كان الأصنام يطاف بها في مكة فيشتريها أهل البدو فيخرجون بها إلى بيوتهم وما من رجل من قريش إلا وفي بيته صنم إذا دخل يمسحه وإذا خرج يمسحه تبركا عدا أصنام الكعبة التي ظلت قائمة في مواضعها من التبجيل الى عام الفتح ومن أشهر أصنامهم «هبل» (٢) وكان منصوبا في جوف الكعبة «والعزى» وهي بوادي نخلة الشامية (٣) «واللات» وهي في الطائف (٤) ومناة» (٥) وهي في «قديد» على ساحل البحر الأحمر شمالي مكة ونقل عن قريش أنها كانت تقول في طوافها : (واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلا وان شفاعتهن لترتجى) وكان لهذيل صنم يسمونه سواعا تعكف على عبادته.
__________________
(١) ابن هشام ١ / ٧٨ والمسعودي ٣ / ١١٤.
(٢) ذكر جرجي زيدان في أنساب العرب أن لفظ هبل لا اشتقاق له في اللغة العربية وهو يرى أنه كلمة عبرية أو فينيقية ثم يقول وكان الكلدانيون يلفظون الكلمة «بل» وهي اسم الاله عندهم ، أقول من هذا ربما صح قول من قال ان العرب قبل قريش استعارت عبادة الأصنام من جيرانها الفينيقيين أو العبريين أو غيرهم.
(٣) نخلة الشامية تمتد من وادي فاطمة الى المضيق وتتصل بها نخلة اليمانية وهي في طريق الطائف من واد يسمونه اليوم اليمانية. (ع) : والعزى : معلوم مكانها اليوم في شعب يقال له سقام يصب في نخلة الشامية في الجنوب.
(٤) هي قرب مسجد ابن عباس من مغيب الشمس (ع)
(٥) انظر تحديدها في (على طريق الهجرة (ع).