في عهد المماليك الأتراك والشراكسة
أبو نمي الأول : ظل أبو نمي وعمه ادريس يحكمان مكة بالاشتراك عدة سنوات ثم عادا الى الاختلاف فخرج ادريس من مكة غاضبا وبقي أبو نمي في حكمها منفردا (١).
وفي هذه الاثناء كان مماليك الاتراك في مصر قد فرغوا من أعمال التأسيس في حكومتهم كما أسلفنا في الفصل السابق ، واستطاع الظاهر بيبرس أن يقضي على جميع الخلافات التي نشأت بين قوادهم في سني التأسيس الاولى وأن ينتزع الأمر لنفسه في سنة ٦٥٨ (٢) فيوطد بنيانه ويثبت دعائمه وأن يستقبل حفيد الخليفة العباسي المشرد بعد وقائع التتار في بغداد استقبال المضيف لضيفه ويوطىء لمقامه في مصر ويبايعه بالخلافة الروحية فيها.
وفي هذه الاثناء ، وعلى اثر هذا الظفر الذي ناله بيبرس ، امتد طموحه الى بلاد العرب وخدمة الحرمين ليضيف الى اسمه مفخرة جديدة.
ويبدو أن بيبرس أراد أن يتوسل الى ذلك بأجمل الوسائل ، فقد شد رحاله في عام ٦٦٧ الى الحج فاستقبله أبو نمي في حفاوة بالغة وتقدير عظيم.
وبسط بيبرس يده بالبذل في مكة والمدينة فقدم الى صاحبها أبي نمي من التحف والهدايا والأموال ما لم يقدر ، ووزع على الأشراف عطاء سخيا وأغدق على الأهلين في المدينتين مبالغ طيبة ورتب لكثير من العائلات فيهما منحا سنوية وأعطى القبائل من أهل البادية أعطيات جزيلة تركت أثرها الطيب في حياتهم.
__________________
(١) شفاء الغرام لتقي الدين الفاسي ٢ / ٢٠٢
(٢) الذهب المسبوك للمقريزي ٨٦.