وولى مكة للمأمون هارون بن المسيب وحمدون بن علي بن عيسى ولعلهما ولياها بالنيابة ووليها صالح بن العباس ثم سليمان بن عبد الله ، وممن وليها محمد ابن سليمان والحسن بن سهل ومحمد بن هارون وعبيد الله بن الحسن (١) وأكثر هؤلاء من العلويين.
ومن ذلك يظهر أن المأمون كان لا يرى بأسا في توليتهم مكة أو لعله شعر أنهم غير متحزبين لسياسة بني عمومتهم فرأى أن يرضى باستعمالهم فريق المتشيعين ويذكر تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام أن عبيد الله بن الحسن ظل في ولايته الى سنة ٢٠٩ كما يذكر الدحلان أنه بقي الى وفاة المأمون سنة ٢١٨.
تأمير الأتراك : وتولى أمر مكة في خلافة المعتصم صالح بن العباس ثم اشناس التركي في سنة ٢٢٦ وهو أول تركي تولى شأن مكة وأعتقد أن ولايته كانت فخرية وكان ينيب عنه من يقوم بأعبائها. ولقد كان المعتصم أول خليفة عربي اعتمد على الأتراك واعتنى باقتنائهم وبذل الأموال في شرائهم من سمرقند وفرغانة والنواحي وألبسهم الديباج ومناطق الذهب ثم أسند اليهم مناصب الدولة وولاهم بعض النواحي وآثرهم على الفرس الذين كان يؤثرهم أسلافه من العباسيين كما آثرهم على العرب الذين كان يؤثرهم الأمويون فقد كانت أمه تركية (٢).
وبلغ من حفاوة المعتصم بأشناس أنه عندما أراد أشناس الحج فوض اليه ولاية كل بلد يدخلها حتى ينتهي الى مكة ثم يعود منها وبهذا دخلت مكة في ولايته
__________________
(١) شفاء الغرام للفاسي ٢ / ١٥٤.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي.