وصول أوامر عزله فارتبك في امره وعلم انها دسيسة صنجق جدة ، فثار غضبه ودفع عبيده وجنده ليحاصروا الصنجق في بيته بمكة ، ثم ارسل الى القاضي يطلبه استدعاء الصنجق ليقيم عليه الدعوى امامه ، فاعتذر الصنجق من حضوره لاضطراب البلاد بالفتنة ، فقبل القاضي عذره فثار مقاتلة الشريف سعيد في المحكمة واطلقوا رصاصهم فيها وأساء بعضهم الى القاضي ثم خرجت جموعهم الى المسجد قاصدين الهجوم على بيت الصنجق بالقرب من باب الوداع فقابلهم اتباع الصنجق في رواق باب الوداع وتبادلوا واياهم اطلاق الرصاص في المسجد ، واشتد القتال حتى اظلم الجو من دخان البارود وازداد عدد الجرحى والقتلى في ارض المسجد وسطحه وبعض البيوت المجاورة له وابطلت لذلك خمس صلوات في المسجد (١) ثم اصطلح الفريقان في اليوم الثاني في مجلس القاضي.
ولم يمنع الصلح بقاء الارتباك في مكة لان الفوضى ظلت شاملة فيها وقد وافى بريد السلطان بعزل الشريف سعيد وتولية عبد الكريم في ١٨ من شهر رجب عام ١١١٧ فلم يضع حدا للفتنة لاننا نرى ان الشريف سعيدأ ظل يماطل بين القبول والرفض وانه لم يغادر مكة إلا في ٦ شعبان أي بعد ١٨ يوما قضاها في المحاورة والتغافل وقد غادرها الى مصر حيث أقطعه السلطان ما يكفيه فيها.
عبد الكريم للمرة الثالثة : وبمغادرة سعيد مكة دخل الشريف عبد الكريم ابن يعلي في موكب حافل مشى فيه العلماء والاشراف ، وبذلك تمت ولايته للمرة الثالثة (٢).
__________________
(١ و ٢) اتحاف فضلاء الزمن للطبري المكى «مخطوط»