هناك ويشرف قبر زعيمهم الحسين بن علي على ربوة في الوادي وكانت هذه الوقعة من الشدة بحيث قيل لم تكن مصيبة بعد كربلاء أشد وأفجع من فخ (١).
وهكذا دفن العباسيون ثورة العلويين الثانية في ثنايا وادي فخ إلا أن ذلك ترك أثرا أقلق العباسيين حينا من الدهر فقد هرب من الواقعة رجلان أحدهما يحي بن عبد الله والثاني أخوه ادريس (٢) أما الأول فقد مضى إلى بلاد الديلم حيث حشد له فيها أنصارا دعوا الى خلافته وأنشأ منهم قوة كلفت الرشيد خمسين الف محارب للقضاء عليها ، وأما الثاني فقد مضى الى المغرب فالتف حوله البربر وأسس له فيها دولة دعيت فيما بعد بدولة الادارسة وأن الرشيد عندما رأى أنه لا طاقة له باخضاعه دس له من قتله (٣) الى آخر ما ذكر المؤرخون في ذلك مما لسنا بصدده (٤).
عودة العباسيين الى مكة للمرة الثالثة : وبانتصار الجيش العباسي في فخ عاد الأمر في مكة الى ولاتهم وقد وليها في خلافة الهادي والرشيد محمد بن عبد الرحمن السفياني ثم تولاها في خلافة الرشيد جماعة لم يثبت ترتيبهم في الولاية هم أحمد بن اسماعيل وعماد البربري وسليمان بن جعفر والعباس بن محمد بن ابراهيم الامام السابق ذكره وعبد الله بن قثم السابق ذكره وعلي بن موسى والفضل بن العباس ومحمد بن عبد الله
__________________
(١) المسعودي مروج الذهب ٢ / ٢٥٧.
(٢) هو ادريس بن عبد الله المحض بن الحسين المثنى وسيأتي في فصل العهد الفاطمي ان جعفر بن محمد مؤسس حكومة الأشراف في مكة في اواسط القرن الرابع يجتمع مع ادريس هذا في جدهم عبد الله المحض بن الحسن بن المثنى.
(٣) تاريخ الاسلام السياسي للدكتور حسن ابراهيم حسن ٢ / ١٢٠.
(٤) راجع اخبار الادارسة في كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الاقصى ج ١ / ٦٧.