الناحية الاجتماعية في العهد الفاطمي
الناحية العمرانية والاجتماعية : ولم يتسع العمران بمكة في هذا العهد عما كان عليه في العهد العباسي الثاني لأن انشغال مكة بالفتن حال دون العناية بعمرانها ، ولعل حكامها من طبقات الاشراف الثلاث كانوا يعنون بتحصينها أكثر مما يعنون بعمرانها فكانوا يبنون القلاع لرد عاديات بعضهم ويقول الرحالة الفارسي ناصر خسرو انهم كانوا يبنون ما بين منافذ الجبال فحيثما وجدت فرجة سدوها بسور.
وتركت الفتن أثرها في السكان فقد قاسوا كثيرا من الجوع والقحط .. يذكر ناصر خسرو أنه هاجر في بعض سنوات هذا العهد نحو ٣٥ ألفا من سكان مكة ولم يزد تعداد القاطنين بها في عام ٤٢٢ عن ألفي نسمة.
ويشير ناصر خسرو الى الضيق الذي عانته مكة في بعض سني هذا العهد من جراء قلة الماء ثم يقول أنهم يتخذون المصانع والاحواض لجمع المطر وكان المصنع الواحد يكلفهم ١٠ آلاف دينار ويذكر أنه وجد بمكة حمامين كان بلاطهما من الحجر ، واعتقد أنهما من بقايا العهد الاموي أو العباسي ، ويقول ان حوانيت العطارين كانت في المسعى وأن الحجامين كانوا في المروة ويقدر عدد حوانيتهم بعشرين حانوتا.
ويبدو أن حياة الفاطميين في مصر أثرت رغم النوائب في حياة مكة أكثر مما اثرت فيها حياة العباسيين ، اما لقرب مصر من الحجاز أو لأن اتصالهم بحكامها كان اوضح طابعا من اتصال العباسيين وإنا نرى ذلك بينا في نظام الادارة وتقاليد البلاد العامة.