وظلت الامدادات تتواتر عليه من مصر طول مدة الحرب وقد قاست مكة أثناء ذلك كثيرا من الشدائد والضيق وقلة الأرزاق ثم فتح للتجار باب الاستيراد من مصر على مصراعيه فاستورد التجار أصناف الغلال وعاد الرخاء الى ما كان.
وأهل عام ١٢٣٠ والقتال على أشده في عدة مواقع من بلاد العرب بقيادة محمد علي باشا وفي شهر جمادي الثاني عاد محمد علي من ميادينه الى مكة فنظر في بعض ترتيباتها وأعاد المرتبات من الغلال التي كانت تصرف لفقراء مكة بعد أن أجرى تعديلات كثيرة في دفاترها ثم بلغه خبر بعض القلاقل في مصر فرأى ضرورة سفره اليها فترك ابنه طوسون على قيادة الجيوش المحاربة وعاد الى مصر.
واستمر طوسون يحارب إلى شهر شعبان ثم تنادى الفريقان للصلح واجتمع مندوبوهما لوضع شروطه وبذلك عاد طوسون باشا الى مصر في ذي القعدة من العام ١٢٣١ (١).
ويقول ابن بشر صاحب عنوان المجد أن فكرة الصلح كانت صادرة من محمد علي باشا الى طوسون وان السعوديين لم يعارضوا في قبولها (٢).
القتال مرة اخرى : وفي عام ١٢٣٢ بدأ الخلاف يستأنف سيرته بين محمد علي باشا والسعوديين ويذكر صاحب عنوان المجد في أسباب ذلك أن رجالا من أهل القصيم والبوادي ركبوا الى مصر وزخرفوا القول لصاحبها فتلقى قولهم بالقبول (٣) وشرع يجهز عساكره الى نجد بقيادة ابنه ابراهيم باشا وكان طوسون قد توفى على أثر عودته من مكة.
__________________
(١ و ٢) عنوان المجد ج١ ص ٨٣.
(٣) سابق ج١ ص ١٨٥.