النواحي العامة
في عهد المماليك الأتراك والشراكسة
الحالة السياسية : تقدم بنا ان مكة تعرضت في اعقاب العهد الأيوبي لاطماع جيرانها في اليمن بفعل الدسائس التي كان يحركها المختلفون من أشرافها على الحكم وأنها ظلت على ذلك الى ان استخلصها من الفوضى شخصان من كبار أشرافها هما الحسن وابنه أبو نمي الأول في عام ٦٤٧ واستقلا بادارتها بعيدين عن كل نفوذ ، وقد استمر أبو نمي الأول بعد أبيه يضطلع بأعباء حكمه مستقلا الا أن هذا لم يدم طويلا لأن المماليك الأتراك الذين قهروا الايوبيين في مصر وأنشأوا على أنقاضهم حكومة جديدة ما لبثوا أن تطلعوا الى مد نفوذهم الى مكة ، وشرع سلطانهم الظاهر بيبرس في عام ٦٦٧ ثم قلاوون بعده يحاولان بجميع الوسائل التدخل في شؤون أبي نمي وحمله على الدعاء لهم على منبر مكة ، وقد بذلا في سبيل ذلك كثيرا من الاموال وأغرياه بكثير من الهدايا ثم جربا معه شيئا من الوعيد عندما علما ان سياسته شرعت تنحاز الى حكومة الرسوليين في اليمن حتى استطاع قلاوون في عام ٦٨١ أن يفرد الدعاء له في مكة وفرض فيها تداول النقود المطبوعة باسمه مع شروط أخرى بيناها في فصلنا السابق.
ولم يرضخ أبو نمي الأول للأمر الواقع مخلصا وقد حاولوا تأديبه فأعادهم كما اسلفنا مهزومين من خلف اسوار مكة ، ثم عاد فقبل هداياهم ورضي بالدعاء لهم على مضض لينتفع بأموالهم فيما احسب ويتفرغ لمناوئيه على الحكم من بني عمومته وأقربائه ، ثم ما لبث أن جفاهم ودعا للرسولين في اليمن بقية حياته.
وعندما اختلف اولاد أبي نمي بعده وجد المماليك الفرصة سانحة لتأييد فريق