ضد آخر واستطاعوا أن يعيدوا الدعاء باسمهم على منبر مكة وأن ينشروا ظلا من نفوذهم فيها كما استطاع الفريق المضاد أن ينتزع الدعاء في بعض السنوات لملك التتار في بغداد ، وقد رؤى الركب العراقي في هذا العهد يبذل الصدقات ويوزع الفضة والذهب حتى رخص ثمن الذهب في مكة لكثرة ما تصدقوا به ، ولست أشك أن ذلك كان دعاية لملك التتار.
ولم يدم أمر الدعاء للتتار طويلا في مكة لان المماليك كانوا يتحينون الفرص لاعادة نفوذهم الى مكة ويساعدون البيوت المتنافسة من الاشراف على الحكم ليظفروا بالمكانة التي يريدونها حتى تمت لهم رغائبهم بفعل التنافس بين بيوت الاشراف الحاكمة وحتى استطاعوا في عام ٧٦٠ أن يمكنوا لفرقة من جيشهم الاقامة في مكة بدعوى حفظ الامن وتثبيت الاشراف ـ محمد بن عطيفة ـ من اولاد أبي نمي وتمكينه من اقامة الا من في البلاد ، وبذلك دخلت البلاد في دور يتنافى مع الادوار التي سبقته ابتداء من ثورة جعفر بن محمد مؤسس حكم الاشراف في مكة الى ذلك اليوم واصبح الاهلون يشعرون بأنهم محتلون عسكريا بجنود المماليك لأول مرة في تاريخ استقلالهم ، ولم يدم أمر الاحتلال اكثر من سنة واحدة لان الاشراف ثاروا على الحامية ثورة عنيفة فاستسلمت الحامية وسيق بعض الاسرى منهم الى ينبع وبيعوا في أسواقها بيع الرقيق.
ويبدو أن المماليك الأتراك اقتنعوا بما جربوا وعادوا يستأنفون علاقتهم بمكة على الصورة التي سبق بها غيرهم ويتمثل ذلك في الدعاء لهم على المنبر وقبول الهدايا والاعانات لقاء تأييد الامير الجديد وكتابة المراسيم الخاصة بتوليته وارسال مرتبات القاضي والخطيب والائمة والمؤذنين والفراشين والقومة وما يحتاج له