الظاهرة كانت شائعة في هذا العهد في أكثر بلاد الشرق الأوسط نتيجة تساهل حكامهم العثمانيين في ذلك.
واشتد ميل المكيين في هذا العهد الى اقتناء الملابس الملونة بألوان زاهية فيها الازرق والاصفر والاحمر وكانوا يعنون بنظافتها وصقلها أو كيها بقطع ناعمة من الودع قبل استعمال أدوات الكي كما يعنون في بيوتهم شديد العناية بزخرفة الاثاث وتنسيقه بديعا كما يعنون بأطعمتهم وتنويعها الى انواع كثيرة يستعيرون فيها انواعا من اطعمة جميع الاجناس الذين يهاجرون اليهم.
وتكاد حياتهم في هذا العهد تكون محدودة بهذا اللون من العيش فلا نزاعات سياسية تقوي مطامعهم في الحياة ولا نزوات عامة تغذي مشاعرهم او تثيرهم الى نوع من التذمر .. حسبهم من الحياة خيرات يغدقها العثمانيون او صدقات يبذلها الحجاج فينعمون ويلعبون ويترفون (ويتهاوشون) ثم يأوون الى مضاجعهم داعين لآل عثمان بالنصر والتأييد شاكرين الله الذي جعل أفئدة الحجاج تهوي اليهم في كل موسم وسخر لهم غيرهم في بلاد كل المسلمين والكفرة ليصنعوا لهم ما يحتاجون اليه لضروراتهم او ينعمون به في كمالياتهم.
ويذكر الغازي عن هذا العهد ان رجلا من الصواغ يدعونه أبا بكر الملا كان يستخرج الفضة من جبل في الجعرانة فكان يحمل الاحجار الكريمة الى بيته ويعالجها ثم يبيعها فضة ولكنه ظهر فيما بعد ان محصولها لا يزيد كثيرا عن نفقاتها فترك ذلك (١).
__________________
(١) افادة الأنام للشيخ عبد الله غازي «مخطوط»