يجبّ ما قبله من خطيئة ، وإنّ الهجرة تحبط [ما](١) بينها وبين الإسلام ، فلو متّ على هذا الطريق لقال الناس : أسلم عمرو وجاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، نرجو لعمرو عند الله كثيرا ، ثم أصبت إمارات ، وكانت فتن ، وأنا مشفق من هذا الطّبق (٢) ، راج لرحمة الله ، فإذا أخرجتمونى فأسرعوا بى ، ولا تتبعنى نائحة ، ولا ناد ، وشدّوا علىّ إزارى فإنى مخاصم ، وسنّوا علىّ التراب سنّا (٣) ، فإن يمينى ليست بأحق بالتراب من شمالى ، ولا يدخلن القبر خشبة ولا طوب ، ثم إذا دفنتمونى (٤) فامكثوا عندى قدر نحر جزور وتقطيعها [فإنّى](٥) أستأنس بكم.
وكان عمرو بن العاص أول أمير على مصر فى الإسلام من حين افتتحها سنة عشرين إلى مقتل عمر بن الخطاب ، رضى الله عنه ، وولى أيضا لعثمان حين فتحت الإسكندرية ، وولى أيضا لمعاوية بن أبى سفيان من ذى القعدة الحرام سنة ثمان وثلاثين إلى أن توفى بمصر ليلة الفطر ، سنة ثلاث وأربعين [وقيل سنة إحدى وخمسين](٦) ، ذكره ابن يونس فى تاريخه ، وصلّى عليه ولده عبد الله [صبيحة الفطر قبل أن يصلى صلاة العيد ، وكان أبوه استخلفه على الصلاة ، وروى له النّسائى ، والتّرمذىّ ، وابن ماجه ، وأبو داود](٧) .. ودفن بالمقطم من ناحية الفج (٨) وكان طريق الناس يومئذ إلى الحجاز ، فأحب أن يدعو له
__________________
(١) ما بين المعقوفتين عن «ص». وتحبط : تبطل.
(٢) أى : من هذا الحال.
(٣) أى : صبّوا علىّ التراب صبّا سهلا.
(٤) فى «م» : «دفنتونى».
(٥) ما بين المعقوفتين زيادة من عندنا .. والجزور : ما يصلح للذبح من الإبل ، ولفظه أنثى ، يقال للبعير : هذه جزور سمينة.
(٦) ما بين المعقوفتين عن «م» وساقط من «ص».
(٧) ما بين المعقوفتين عن «م» ولم يرد فى «ص».
(٨) فى «م» : «نايحة الفتح» تصحيف من الناسخ ، وما أثبتناه عن «ص» وحسن المحاضرة للسيوطى ج ١ ص ٢٢٤. وعن وفاته قال ابن الجوزى : «إنه دفن بالمقطم فى ناحية الفج ، وكان طريق