من الصّفات الحميدة وما ورد في الروايات من أنّ فيها ريحا هفافة من الجنّة كلّها مصاديق وإشارات إلى ما يوجب السكون.
ولا ريب في أنّ هذه السكينة بأيّ معنى أخذت تشتمل على لطيفة ربانية هي معجزة ، فتكون بمنزلة الروح بالنسبة إلى الأجساد كما يسمّى القرآن والوحي السّماوي روحا قال تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى ـ ٥٢] ، وقال تعالى : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) [المؤمن ـ ١٥] ، وإدراك هذا الرّوح يختص بمن كان مؤمنا له الأهلية لذلك ، وهذا هو المستفاد مما وصل إلينا من النصوص.
قوله تعالى : (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ).
آل الرجل : خاصته ، ويطلق على الفرد تعظيما كإطلاق الأمة عليه. وآل موسى وآل هارون نفسهما ومن يتبعهما في العمل بما أتيا به ، وهذا الإطلاق صحيح لا ريب فيه.
وبقية آل موسى وآل هارون : تشمل البقايا الجسمانية والمعنوية وآثار النبوة كعصا موسى وبعض ثياب الأنبياء (عليهمالسلام) التي كانوا فيها يعبدون الله تعالى ويجاهدون في سبيله عزوجل لإزالة الشرك والعدوان والألواح وغيرها من الآيات.
وهي موجودة كسائر آثار الأنبياء (عليهمالسلام) ولا تقدر الطبيعة على إزالتها وفنائها وإنّها باقية مدى الدّهر وستظهر إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ).
جملة حالية من يأتيكم. وهي تدل على أهمية التابوت وعظمته وفيها إشارة إلى أنّ التابوت بمكان من القداسة لا يليق بكلّ يد أن تلمسه لما فيه من السّكينة من الله فإنّه لا يمسّه إلا المطهّرون من الأقذار المعنوية والظاهرية لا سيّما في شريعة موسى (عليهالسلام) التي بنيت على التشديد ولذلك كانت