تحمله الملائكة ولم يكن أحد يرى الملائكة إلا أنبياء الله تعالى وأصفياؤه وهم الأقلون.
وقد ذكر المفسرون في تفسير هذه الآية الشريفة ما لا يليق بكلام الله تعالى وقداسة هذه المأثرة النبوية الخالدة فإنّ أغلب ما ذكروه هو من الإسرائيليات التي وردت في العهد القديم وهي غير سليمة من التحريف.
قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
أي : إنّ في الإخبار بأنّ طالوت جعل ملكا وإتيانه بالتابوت الذي فيه السكينة وآثار النبوة وغير ذلك علامة مشخصة على أنّه منصوب من الله تعالى إن كنتم من المؤمنين بالله وآياته لا من المنافقين الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم فإنّهم لا تنفعهم آيات الله تعالى ودلائله ، إذ المنافق عرف بالجحود واللجاج فلا ينفعه البرهان والاحتجاج.
وفي الآية الشريفة دلالة على أنّهم سألوا نبيّهم الآية على صدق دعواه.
٢٤٩ ـ قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي).
فصل الجنود : إخراجهم عن مقرهم والسير إلى الحرب. والفصل يأتي بمعنى القطع والمفارقة ومنه قوله تعالى : (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) [الأنعام ـ ٥٧] ، كما أنّ منه مفارقة المكان قال تعالى : (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ) [يوسف ـ ٩٤] ، ومنه الفصل المعروف في العلوم لانقطاع ما قبلها عما بعدها.
والجنود جمع جند وهو : بمعنى المجتمع القوي من كلّ شيء ، وسمي العسكر به لتزاحم الأفراد فيه وقوتهم. وفي الكلمة دلالة على كثرة عددهم.
والابتلاء : الاختبار قال تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) [البقرة ـ ١٢٤].
والنّهر : مجرى الماء الفائض وجمعه أنهار ، والنّهر ـ بفتحتين ـ لغة في النهر بالفتح والسكون ، والنّهار : الوقت الذي ينتشر فيه الضوء ، فالفيضان