والانتشار مأخوذ فيهما لكن الأول في الماء والثاني في النور.
والشرب معلوم : وهو تناول الماء بالفم وبلعه.
والمعنى : فلما ملك طالوت وجنّد جنوده من بني إسرائيل خرج بهم عن معسكرهم وقال لهم : إنّ الله يمتحنكم في طريقكم بنهر ليبين المطيع من العاصي.
ويستفاد من الآية الشريفة : أنّ بني إسرائيل بعد أخذ المواثيق من نبيهم وفوا بما قاله لهم واتخذوا طالوت ملكا عليهم فنظّم الجنود ورتبهم حسب درجاتهم ومراتبهم واستعرضهم ليعرف مقدار استعدادهم وأرشدهم إلى الحقّ واختبرهم ، لمعرفة الرّوح المعنوية فيهم وتمييز الثابت على إيمانه والحافظ لذمامه عن غيره.
وأضاف الاختبار إلى الله تعالى ليعظم ذلك في قلوبهم ، ولأنّه ولي الجميع ومن عنده النصر والظفر ، وكان إبلاغ الاختبار قبل وقته لتتم الحجة به عليهم ، ولا بد أن تكون الظروف والحالات هي التي أوجبت أن يكون الاختبار بالشرب من النهر حتّى يكون مناسبا لحالهم ، وقد ورد في التاريخ : أنّهم كانوا في مفازة وكان الوقت حارا فشكوا قلة الماء فابتلاهم الله بالنهر وشرب الماء منه ، كما هو مذكور في الآية الشريفة.
ويمكن أن يكون المرشد له إلى هذه الأمور هو النبي الذي نصبه ملكا على بني إسرائيل ، ويدل عليه قوله تعالى : (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي) لأنّ مخالفة الأمر توجب سلب الانتساب عن المخالف فيسلك حينئذ في مسلك العدو.
قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي).
الطعم : تناول الغذاء ونسبته إلى الطاعم كنسبة الأكل إلى الآكل ، وقد يطلق على ما يتناول أيضا قال تعالى : (وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) [المائدة ـ ٩٦] ، ويطلق الطعام على البرّ كثيرا كما في الاستعمالات الفصيحة ففي