الله عليه وقد ثبت فيهم الإيمان وهذه الطائفة قليلون في كلّ عصر ، ولا بد أن يجتاز الإنسان الامتحان ليعرف المؤمن الخالص عن غيره قال تعالى : (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) [العنكبوت ـ ٣] ، فليس كلّ من يدّعي الإيمان يكون صادقا في إيمانه إلا إذا خرج من الامتحان الإلهيّ مطيعا ثابتا. وامتحاناته تبارك وتعالى كثيرة لا حدّ لها ولا حصر يمتحن بها عباده حسب الاستعداد ومراتب الإيمان.
واختلفوا في عدد الذين ثبتوا معه والمروي أنّ عددهم كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ويأتي في البحث الروائي ما يتعلّق به.
قوله تعالى : (فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ).
الطاقة : القوة والقدرة. وجالوت هو القائد الفلسطيني المشرك الذي أذل اليهود وأخرجهم من ديارهم والضمير في (جاوزه) يرجع إلى النّهر.
والجواز : التخطي والمفارقة عن المكان قال تعالى : (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ) [يونس ـ ٩٠].
أي : فلمّا تخطّى طالوت وجنوده المؤمنون به النّهر قال بعضهم لبعض : لا قدرة لنا على محاربة جالوت وجنوده لكثرة عددهم وعدتهم.
ويستفاد من تعقيب هذه الآية بعد الامتحان بالكيفية السابقة أنّ المغترفين هم الذين قالوا هذا الكلام لأنّهم لم يكونوا على اليقين الذي عليه الطائفة التي لم تطعم الماء أبدا.
قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ).
الظن يستعمل في القرآن الكريم بمعنى اليقين ، وبمعنى مطلق الرجحان ، وبمعنى الوهم ، والفارق القرائن وتقدم في آية (٤٦) ما يرتبط بالمقام.