داود فلما بعث طالوت إلى بني إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت بعث إلى آسي أن أحضر ولدك ، فلما حضروا دعا واحدا واحدا من ولده فألبسه الدّرع درع موسى فمنهم من طال عليه ومنهم من قصر عنه فقال لآسي هل خلفت من ولدك أحدا؟ قال : نعم أصغرهم تركته في الغنم يرعاها فبعث إليه فجاء به فلما دعي أقبل ومعه مقلاع قال فناداه ثلاث صخرات في طريقه قلن : يا داود خذنا فأخذها في مخلاته وكان شديد البطش قويا في بدنه شجاعا فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى (عليهالسلام) فاستوى عليه ففصل طالوت بالجنود وقال نبيهم : يا بني إسرائيل (إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) في هذه المفازة (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ) فليس من حزب الله ومن لم يشرب منه فإنّه من حزب الله. (إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) فلما وردوا النّهر أطلق الله لهم أن يغرف كلّ واحد منهم غرفة بيده (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) فالذين شربوا منه كانوا ستين ألفا وهذا امتحان امتحنوا به كما قال الله تعالى».
أقول : الروايات في معنى السكينة مختلفة ، وسيأتي التعرض لبعضها والجامع بينها. وأما نطق الحجر لداود فليس ببعيد لأنّه من الأسرار المعنوية التي وهبها الله تعالى لنبيه داود (عليهالسلام).
عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي الحسن الرضا (عليهالسلام) قال : «جعلت فداك ما كان تابوت موسى (عليهالسلام) وكم كان سعته؟ قال (عليهالسلام) : ثلاثة أذرع في ذراعين قلت ما كان فيه؟ قال : عصا موسى ، والسكينة قلت وما السكينة؟ قال : روح الله يتكلّم كانوا إذا اختلفوا في شيء كلّمهم وأخبرهم».
وفي المجمع قال : «إنّ السكينة التي كانت فيه ريح هفافة من الجنة لها وجه كوجه الإنسان عن عليّ (عليهالسلام).
أقول : المستفاد من مجموع الأخبار الواردة في تفسير السكينة أنّها أمر معنوي من عالم الغيب مؤيد من قبل الله تعالى فيه إدراك وشعور ، ولا ينافي ذلك تصورها بصور مختلفة ، لأنّ ذلك من شأن موجودات عالم الغيب كما أثبتنا ذلك في أحد مباحثنا السابقة ، فجميع الروايات تشير إلى معنى واحد