ورسله بلا تمييز بينهم ، فهذا حال المؤمنين في إيمانهم سواء أظهروا ذلك في القول أم لا.
وفي الآية الشريفة رد على أهل الكتاب وغيرهم الذين يفرقون في الإيمان برسل الله تعالى تعصبا أو لأجل أغراض فاسدة ، كما حكى عنهم الله تعالى في آيات متعددة من القرآن الكريم.
والآية المباركة ترشدنا إلى قضية عقلية وهي أنّ التفرقة بين الرسل غير معقولة لأنّ الرسالة إنّما تكون عن واحد وفي واحد ، والتبدل الزماني وتفاوت الاستعدادات خارجان عمّا تتقوم به الرسالة وقد ذكرنا في قوله تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) [البقرة ـ ٢٥٣] ، ما يرتبط بالمقام.
قوله تعالى : (وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا).
حكاية عن قولهم مع ذكر القول من دون ذكره في الحكاية السابقة مع أنّهما في كلام واحد. وهو من بديع الأسلوب وفيه إظهار لخضوع القائلين وخشوعهم.
وهو إخبار عن الطاعة والانقياد فإنّ السمع يكنّى به عن القبول والإذعان ، والإطاعة عن الانقياد ، وهذا هو حقيقة الإيمان سواء كان هذا القول شرحا للإيمان بالله تعالى ، يعني : سمعنا قول الله وأطعنا تكاليفه ، أو يكون شرحا للإيمان بالرسل ، يعني : سمعنا قول الرسول وأطعنا أوامره ونواهيه ، ويكون متعلقا بغفرانك. يعني : سمعنا وأطعنا موجبات غفرانك وهي الايتمار بالأوامر والانتهاء عن النواهي فإنّ جميع ذلك صحيح ويرجع إلى شيء واحد وهو بيان حقيقة الإيمان وهما يستعملان فيما هو المقدور وما يقبل الفهم ، وغيرهما ليس بداخل تحت التكليف فيكون الكلام تمهيدا لما سيأتي من نفي التكليف بما لا يطاق.
والسمع والطاعة من مقوّمات العبودية لله تعالى بحيث تبعث السمع على العمل والطاعة على المحاسبة وهما من حقوق الله تعالى على العبد والالتزام بهما من العبد يكون قضاء لحقه عزوجل عليه ووفاء لعهده مع الرب تعالى.