والاجتماع على المشورة ، ويأتي في قوله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) [آل عمران ـ ١٥٩] ، ما يتعلّق بالمشورة.
والمعنى : إذا أراد الوالد والمرضعة أو الوارث والوالدة أن يفطما الرضيع عن الرضاع قبل استيفاء الحولين عن مراضاة بينهما وتشاور في مصلحة الرضيع الموكول إليهما رعايته وعدم الإضرار به فلا بأس في ذلك لأنّ الحقّ لا يعدوهما وإنّ الحد المذكور للرضاع ليس من الواجبات التي لا تقبل التغيير والتبديل.
والتحديد إنّما كان لمصلحة الولد فإذا كانت تقتضي الفطام قبل ذلك أو كانت المصلحة تقتضي أن يكون الفصل والفطام بعد الحولين فلا بأس بذلك إذا تراضيا عليه وكان صلاح الطفل في ذلك.
وإنّما قيّد سبحانه الحكم بالتشاور بعد التراضي لبيان أنّه لا بد من مراعاة صلاح الولد الواجب عليهما حمايته ورعايته لا مجرّد تراضيهما مراعاة لرغبتهما وأهوائهما ، ويستفاد منه الترغيب إلى المشورة أيضا في الأمور ونبذ الاستبداد فيها.
قوله تعالى : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ).
تفريع على الحكم السابق من أنّ الحق لهما فإذا أراد الوالد أن يسترضع لولده من ترضعه فلا بأس به إذا سلّم لها الأجرة تسليما بالمعروف بحيث لا تكون الإجارة مزاحمة لحق الوالدة ، ولا أن تكون الأجرة مجحفة ، وبها يكون الضمان لتربية الطفل ورعايته أشد إن كان إرضاع غير الأم في مصلحة الولد أو غير ذلك مما يجب أن يكون معروفا غير مزاحم لحق أحد من الأطراف.
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
أمر بالتقوى بعد تشريع تلك الأحكام وربط العمل بها بالتقوى لبيان أنّ المهم هو الإخلاص في النية وتوافق الظاهر مع الباطن لأنّه العالم بما تعملون ، وقد تقدم تفسير ذلك.