بدخول النار (١).
٦. اذا كان الصحابة هم الذين أخذوا على عاتقهم نقل الحديث النبوي ، لقربهم من الرسول وصدقهم وأمانتهم ، وهم قد ورثوا وظائف النبوة كما يقول أهل السُنّة والجماعة؟ فلِمَ إذاً ثد ثبت بأن كثيراً منهم لم يرو عن النبي صلىاللهعليهوآله شيئاً ، بحيث ان أحدهم صحَب كبار الصحابة من أمثال طلحة وسعد بن أبي وقاص والمقداد بن الأسود وعبد الرحمن بن عوف ، فما سمع أحداً منهم يحدّث عن رسول الله ، لأنهم يخشون المزيد والنقصان ، بل وكان كثير من أجلّة الصحابة وأهل الخاصة برسول الله كأبي بكر والزبير وأبي عبيدة والعباس بن عبد المطلب ، يقلّون الرواية عنه ، بل كان بعضهم لا يكاد يروي شيئاً كسعيد بن زيد بن عمر بن نفيل الموعود بالجنة كما يقال.
بل وان الصحابة كانوا من خشيتهم الرواية عن رسول الله وتعظيمهم إياه ، يقلّلون ـ خوف الزيادة والنقصان ـ ويحدّثون بالشيء الذي سمعوه من النبي مراراً ، ولا يصرّحون بالسماع ولا يقولون : قال رسول الله (٢).
فيا ترى لو كان الرسول حقاً قد اطمأن للصحابة على حديث الشريف ، فلِمَ كان كبار الصحابة يتهرّبون من رواية الحديث عنه ، وهم الذين كانوا يلازمون الرسول دائماً ولا يفارقونه إلا قليلاً؟ أليس من واجبهم المسارعة في رواية الحديث النبوي دون تردد أو تهيّب حتى يحقّقوا الأمنية النبوية ، ويكونوا قدوة للصحابة الآخرين الأقل ملازمة
__________________
(١) فتح الباري ـ ابن حجر العسقلاني ٦ : ١١٢ ؛ سنن الدارمي ١ : ٧٦ ؛ صحيح البخاري ٢ : ٨١ ؛ سنن ابن ماجة ١ : ١٣ ؛ سنن الترمذي ٤ : ١٤٢.
(٢) اضواء على السُنّة المحمدية ـ محمود ابو رية : ٥٧.