موقف الخليفة الثاني من رسول الله
من المسلّمات في الشريعة الاسلامية أن طاعة الرسول صلىاللهعليهوآله مقرونة بطاعة الله تعالى ، وعليه فالمفروض من المسلمين ، وخاصة الصحابة الذين كانوا ملازمين له صلىاللهعليهوآله ، أن يطيعوه في كل صغيرة وكبيرة من أوامره الجليلة ، دون أي تردّد أو مواربة لأن ما يصدر عنه صلىاللهعليهوآله ، حق خالص لا يقبل التشكيك أو النقاش أو الاعتراض من أي شخص مهما علا وزنه حتى وإن كان من الصحابة ، والقرآن الكريم ، كما تشهد العشرات من آياته الكريمة ، يأمر المسلمين جميعاً ، مهما سَمتْ مراكزهم ومستوياتهم ، على طاعة الرسول المُطلقة ، وأن لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضى ، وذلك طيلة فترة البعثة المقدسة ، كما يحذّرهم من عصيان الرسول بأي حال من الأحوال ، وإلا سيتعرّضون الى أشد العقوبات الالهية ، كما يهدّدهم ببطلان الاعمال ، لأن رسول الله حين يصدر الاوامر والنواهي المتعلقة بالدين والامور الشرعية ، فهو إنما يأتمر بأوامر الوحي ، وليس من لدن نفسه ، وهو أعلم بالمصلحة الدينية من الآخرين ، وهو مطّلع على ما ينفعهم وما يضرّهم ، مهما كانت منزلتهم ودرجتهم من الصحبة معه ، بل وحتى الذين يلازمونه دوماً.
فهل كان عمر بن الخطاب الذي له سهْم وافر من الصحبة مع الرسول صلىاللهعليهوآله وكان صلىاللهعليهوآله مصاهراً له ، قد أدّى حق الطاعة للرسول كما ينبغي ، ولم يعصه أبداً في قول أو فعل أو أمر صدر منه صلىاللهعليهوآله طيلة البعثة المباركة ، أم بالعكس؟ هذا ما سنعرفه في الأسطر التالية :
ردّ الخليفة عمر بن الخطاب أمر رسول الله برأيه واجتهد في ذلك ولم يألوا جهداً في قضية صلح الحديبية ، إذ رضي النبي صلىاللهعليهوآله بحذف عبارة «بسم الله الرحمن الرحيم»