واستبدالها بعبارة «باسمك اللهم» لكن عمراً أبى ورفض ذلك ، وقال تعليقاً على هذه الوقفة منه ازاء الرسول ، بأن على المسلمين أن يتهموا الرأي على الدين ، وكان رسول الله في وقتها قد قال لعمر : يا عمر تراني رضيت وتأبى (١). وام كان لعمر ولا لغيره من الصحابة مهما علا شأنهم ومنزلتهم من الرسول أن يعترضوا عليه في هذا الموقف الذي يدلّ على الحكمة والفراسة العميقة التي لا يبلغها الانسان العادي ، ثم ان الرسول مُوحىً إليه من السماء في اي خطوة يخطوها ، وعلى الجميع إطاعته في هذا المقام ، فالرفض والإباء هنا ، يعكس نوعاً من العصيان والتمرد على أوامر الرسول ، والتشكيك في مصداقيته وعصمته ، مهما كان ادّعاء المقابل بصدق النية واقتضاء المصلحة في أتخاذ الموقف المتشنج والمعارض للصلح مع قريش.
ولم يقتصر موقف عمر هذا على إسلوب كتابة وثيقة الصلح بين الرسول وقريش ، وانما امتد ليشمل مواقف أخرى له في هذا الشأن. فعندما أمر الرسول الفارين من مسلمي قريش بالعودة الى مكة حسب اتفاقية الصلح ، قال عمر للرسول : أترضى بهذا؟ وكإن عمر أبى تصرّف الرسول واعتبره مرفوضاً ، فتبسّم صلىاللهعليهوآله وقال لعمر : من ذهب منّا اليهم فقد أبعده الله ، ومن جاء منهم الينا رددناه ، فسيجعل الله لهم فرجاً ومخرجاً (٢). ونستغرب هذا الالحاح الذي بدا من عمر وتشكيكه في جدوى إعادة المسلمين الفارين من قريش ، إلا إذا اعتقد بأن الرسول انما يترصف من وحي نفسه ، وليس على أساس تلقّي الوحي من السماء.
وتمادى عمر بن الخطاب ، في تشكيكه بمواقف وقرارات الرسول يوم الحديبية ،
__________________
(١) السيرة النبوية ، احمد زيني دحلان ، ٢ : ٢١٥ ـ ٢١ ؛ السيرة الحلبية ٢ : ٧٠٩.
(٢) امتاع الاسماع ، المقريزي ١ : ٢٩٣.