فتساءل مع صحابة آخرين : الم يكن حدّثهم بأنه «عليه الصلاة والسلام» سيدخل المسجد الحرام ويأخذ مفتاح الكعبة؟
فأجابهم رسول الله بأنهم سيدخلون المسجد الحرام ... ثم أقبل على عمر وقال : أنسيتم يوم أُحد؟ إذ تصعدون ولا تلوون على أَحد!! وأنا أدعوكم في اخراكم!! أنسيتم يوم الاحزاب!! إذ جاؤوكم من فوقكم وأسفل منكم! وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر (١) .. وهذا الموقف المشكّك من عمر والآخرين ، نابع من خشيتهم بعدم تحقق النبوءة المحمدية التي مصدرها الوحي ، وان ما قاله الرسول صلىاللهعليهوآله مجرّد ادعاءات ومزاعم تفتقد للمصداقية ، ولذا فقد ذكّرهم صلىاللهعليهوآله بكل مواقفهم السابقة التي شكّكوا فيها بانتصار المسلمين في حروبهم مع الاعداء ، الى درجة أن بلغت قلوبهم الحناجر ، وظنوا بالله ال ظنون التي تشكك بالوعد الالهي المؤكد بالنصر ، وان مآل تلك المعارك والحروب الطاحنة ، الى انحسار الاسلام والقضاء على المسلمين القضاء المبرم ، وبالتالي سيذهب وعد الله ونبيه بالنصر ، الى مجرّد وعد كاذب والعياذ بالله!!
وكان الصحابي «أبو عبيدة الجراح» قد فطن الى موقف عمر المُستَهجن ازاء الرسول في صلح الحديبية ، فقال لعمر : ألا تسمع يا بن الخطاب رسول الله يقول ما يقول ، وتعوّذ «أبو عبيدة الجراح» من الشيطان الرجيم ، ثم قال : قال رسول الله يومئذ : يا عمر إني رضيت وتأبى (٢) ... فحتى الصحابة استغربوا من موقف عمر المُضاد لأوامر الرسول تلك .. وتعوّذوا بالله ... فليس من حق أحد أن يبرّر لعمر بن الخطاب ، سلوكه السلبي من النبي صلىاللهعليهوآله بأنه نابع من إيثار المصلحة العليا ، والخوف على مصير الاسلام
__________________
(١) السيرة الحلبية ٣ : ١٩ ؛ الدر المنثور ٦ : ٦٨.
(٢) مسند احمد ١ : ٢٠.